المزارع "كارميلو غاليغوس"

يخشى المتظاهرون المكسيكيون أن مصنع الجعة المملوك للولايات المتحدة سوف يستنزف أراضيهم، فالمزارع "كارميلو غاليغوس"، الذي اعتاد على زراعة القمح في الشتاء البارد والقطن في الصيف الحارق الحار بوادي مكسيكالي, في هذه الأيام، أصبح يعاني من أن المياه شحيحة جدا حيث يمكنه فقط زراعة محصول واحد في السنة, ولكن بخلاف الجفاف، أصبح للمزارع البالغ من العمر 61 عاما الآن قلق آخر, حيث يجري بناء مصنع جعة ضخم في مدينة مكسيكالي القريبة، حيث يخشى أنه سوف يمتص ما تبقى من الماء القليل لتصنيع البيرة لتصديرها إلى الولايات المتحدة. 

يعتبر غاليغوس والمزارعون الآخرون أنفسهم ضحايا صفقة غير صحية بين حكومة ولاية باجا كاليفورنيا وماركة "كونستلاتيون"، ثالث أكبر مُصنّع للبيرة في الولايات المتحدة, وأضاف "إنهم يستغلون المياه كما لو كانت نهب يتم توزيعه بينهم, أن نية الحكومة هي تركنا بلا شيء، بدون ارض أو مياه". 

ومن المتوقع أن يبدأ المصنع الجديد في الإنتاج في عام 2019، مما أدى إلى إنتاج ما يقرب من 4 مليون زجاجة يوميًا من البيرة بما في ذلك كورونا، موديلو و باسيفيكو, ولكن المشروع أثار ردود فعل عنيفة من قبل المزارعين المحليين والمقيمين الذين اجتمعوا في حركة تعرف باسم "مقاومة المكسيكالي", وفي الصيف الماضي، انضم آلاف الأشخاص إلى مظاهرات غاضبة خارج مكاتب حكومة الولاية، وأوقفوا تسليم البضائع إلى موقع البناء, ومنذ العام الجديد، اندلعت الاضطرابات مرة أخرى بعد أن اشتبكت شرطة مكافحة الشغب وحراس الأمن الخاص مع المتظاهرين الذين عرقلوا بناء أنبوب مياه جديد للمصنع, وقد أقام العشرات من الناشطين معسكر احتجاج بالقرب من موقع البناء، مع وجود لافتة كبيرة تقول "عودوا إلى دياركم". 

ويقول المتظاهر آنا لوبيز: "نواجه نقصا في المياه بالفعل, والآن تخيل عندما يبدأ المصنع في العمل", زمنذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية قبل 25 عاما، توافد المصنّعين الأجانب إلى باجا كاليفورنيا, وقد توسعت المدن الحدودية مثل تيخوانا ومكسيكالي بسرعة، وقد حولت اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية الاقتصاد المكسيكي المغلق إلى اقتصاد يركز على الصادرات, ولكنه تسبب أيضا في السخط بين المزارعين في وادي مكسيكالى الذي يقول إن البلاد قد فقدت مبادئ السيادة والاكتفاء الذاتي, ويذكر المزارعون الأكبر سنا الوقت الذي قدمت فيه الحكومة الائتمانات وأعطت الإعانات للوقود والأسمدة (على الرغم من أن هذه المخططات كثيرا ما تعاني من الفساد). 

 وقد اشتبكت الشرطة والمتظاهرون هذا الشهر في موقع مكسيكالي حيث تقوم شركة المشروبات العالمية "كونستلاتيون براندس" ببناء مصنع بقيمة مليار دولار أميركي, وقال المزارع إدواردو سيسنيروس، 75 عاما: "إذا كان مصنع الجعة هذا صفقة جيدة فلما لا يكون عبر الحدود في كاليكسيكو أو لاس فيغاس؟" إنهم يريدون فقط المياه الرخيصة والعمالة الرخيصة ", وقال ارنستو دياز، وهو مزارع ومسئول كبير في الايجيدو "ما يعتبرونه خيرا، نعتبره تراثنا, إنهم ساذجون إذا كانوا يعتقدون أن مصنع الجعة لن يسبب مشاكل المياه في وادي مكسيكالي". 

ومنذ عام 2010، عندما تجاوزت المكسيك هولندا لتصبح أكبر مصدر للبيرة في العالم، نشأت مصانع الجعة عبر أراضيها الحدودية القاحلة، وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها المخاوف بشأن إمدادات المياه في المنطقة, وفي العام الماضي، اتهم عمدة في بلدة سرقسطة في ولاية كواهويلا مصنع جعة كونستيلاشن براندز أخر بامتصاص الكثير من المياه التي تركت مدينته دون مياه الشرب, بينما تنكر كونستيلاشن براندز أن مصانع الجعة تهدد موارد المياه, وقال متحدث باسم الشركة أن سرقسطة تواجه مشكلة "أنابيب قديمة", وقال أن المصنع في مكسيكالى سيكون مستداما ويجرى بناؤه بتصاريح مناسبة ودعم من حكومات المدن والولايات والحكومات الوطنية. 

وتعلّق " كونستيلاشن براندز " إنها تشتري حقوق المياه بأسعار عادلة، وأن المصنع في مرحلته الأولى من العمليات سوف يستهلك 0.1٪ فقط من المياه المتاحة في المنطقة, ولكن المزارعين يخشون أن مصنع الجعة سيجلب مشاكل طويلة الأجل, أعلنت لجنة المياه الوطنية في المكسيك أن المياه الجوفية في المنطقة استغلت بشكل مفرط وحظرت حفر آبار جديدة. 

مصنع الجعة ليس مصنع كونستيلاشن براندز الوحيد الذي يتوسع في المناطق الحدودية, حيث أن "هاينكن"، التي تمتلك العلامات التجارية المكسيكية مثل سول، تيكيت وبوهيميا، أعلنت عن خطط لتوسيع مصنع الجعة في تيكيت - الأمر الذي يتطلب المياه من منطقة مكسيكالي, ويعرب معارضو مصنع الجعة عن شكوكهم بشأن سلسلة من مشاريع البنية التحتية في الولاية مثل محطة تحلية ضخمة في روزاريتو، يجري بناؤها من خلال شراكة بين القطاعين العام والخاص, وحاولت حكومة الولاية أيضا تمرير قانون خصخصة المياه في عام 2016، مما أثار احتجاجات جماهيرية في مكسيكالي.