الجرذان

يمكن للحيوانات أن تتذكر أحداثًا معينة مثل البشر، كما يقول علماء الدماغ الذين جعلوا هذا الاكتشاف جزءً من دراسة جديدة رائدة, وهذا البحث هو أول دليل على أن الحيوانات الأخرى غير البشرية يمكنها أن تستعيد عقليًا الأحداث الماضية من الذاكرة.

القوارض تستخدم ذاكرتها بدلًا من أنوفها للتعرف على الروائح:

جعل العلماء الفئران يتذكرون مجموعة من الروائح ومكافأتهم كلما اختاروا الرائحة من الثانية إلى الأخيرة أو الرائحة الرابعة إلى الأخيرة, وتمكنت الفئران من انتقاء الروائح الصحيحة نحو  تسع في كل عشر محاولات، حتى عندما قام الباحثون بتبديل عدد الروائح - دليل على أن القوارض كانت تستخدم الذاكرة بدلًا من أنوفهم لإكمال المهمة, ثم قام الخبراء مؤقتًا بحجب منطقة من أدمغة الجرذان المتعلقة بهذا النوع من الذاكرة ووجدوا أن القوارض لم تتمكن من تذكر التسلسل, فقالوا إن النتائج التي توصلوا إليها يمكن أن تساعد في تطوير عقاقير جديدة لعلاج مرض الزهايمر.

الذاكرة العرضية تستحق التركيز في البحث عن علاج للزهايمر:

وقال الباحث الرئيسي في الدراسة البروفيسور جوناثان كريستال، عالم أعصاب في جامعة إنديانا "السبب في اهتمامنا بالذاكرة الحيوانية ليس فقط لفهم الحيوانات بل لتطوير نماذج جديدة للذاكرة تتوافق مع أنواع الذاكرة التي تعاني من ضعف كالأمراض البشرية مثل مرض الزهايمر", ودرس فريق البحث الذاكرة العرضية – أي القدرة على تذكر أحداث سيرته الذاتية - في مجموعة من 13 من الفئران, وهذا النموذج من الذاكرة يسمح لنا بفهم السيناريوهات من خلال توحيد الترتيب الذي حدثت به, فعلى سبيل المثال، إذا فقد شخص ما مفاتيح سيارته، فقد يحاول استدعاء كل خطوة أو حلقة في رحلتهم من السيارة إلى موقعه الحالي, وتضيع هذه المهارة عادة لدى مرضى الزهايمر، ويدرسها العلماء في الحيوانات من أجل فهم أفضل لكيفية علاج المرض.

إجراء اختبارات على الفئران بـ 13 رائحة:

لتقييم قدرة الحيوانات على إعادة الأحداث الماضية من الذاكرة، قام مختبر البروفيسور كريستال بتدريب 13 جرذًا على حفظ قائمة تضم ما يصل إلى 12 رائحة مختلفة, ووضعت الفئران داخل "الحلبة" مع كل رائحة ويتم مكافأتهم عندما يتعرفوا على رائحة من الثاني للأخر أو الرابع لآخر القائمة, ثم قام الفريق بتغيير عدد الروائح في الاختيار قبل كل اختبار للتأكد من أنها تم التعرف عليها بناءً على موضعها بدلًا من الرائحة وحدها, وأثبت هذا أن الحيوانات كانت تعتمد على قدرتها على استدعاء القائمة بأكملها بالترتيب عند إكمال المهمة.

نسبة النجاح 83% مع تذكر التسلسل الصحيح:

بعد التدريب، أكد البروفيسور كريستال، أن الحيوانات أكملت مهمتها بنجاح بنسبة دقة 87 في المئة, وتلك النتائج هي دليل قوي على أن الحيوانات تستخدم استدعاء الذاكرة العرضية للتذكر بالتسلسل, وأوضحت تجارب إضافية أن ذكريات الجرذان كانت طويلة الأمد ولها مقاومة للتداخل من الذكريات الأخرى - وهما من السمات المميزة للذاكرة العرضية, كما أنهم أجروا اختبارات ألغت نشاط الدماغ لفترة وجيزة في منطقة تعرف باسم الحصين - وهو مركز الذاكرة العرضية - لتأكيد استخدام الفئران لهذا الجزء من الدماغ لأداء المهام.

 حماية نوع الذاكرة الصحيح:

وأبرز البروفيسور كريستال أن الحاجة لإيجاد طرق موثوقة لاختبار الذاكرة العرضية في الجرذان أمر ملح لأن الأدوات الجينية الجديدة تمكن العلماء من تكوين فئران تعاني من حالات عصبية مماثلة لمرض الزهايمر, وحتى وقت قريب، كانت الفئران هي الوحيدة المتاحة بالتعديلات الجينية اللازمة لدراسة تأثير الأدوية الجديدة على هذه الأعراض, وقال "إننا نحاول بالفعل أن نضع حدود لنماذج الذاكرة الحيوانية على شيء يشبه بشكل متزايد كيفية عمل هذه الذكريات لدى الناس, وإذا أردنا القضاء على مرض الزهايمر، فنحن بحاجة إلى التأكد من أننا نحاول حماية النوع الصحيح من الذاكرة"