باريس ـ اليمن اليوم
كشف باتريك بويان، المدير التنفيذي لمجموعة "توتال" الفرنسية للنفط والغاز، إن غيوم الحرب التجارية التي تلوح في الأفق بين واشنطن وبكين سيكون لها توابع سيئة على تصدير الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة إلى الصين، الذي كان من المتوقع أن يرتفع خلال الفترة المقبلة، قبل أن تقوم واشنطن بفرض تعريفات جمركية على البضائع الصينية، الذي أدى إلى اتخاذ بكين إجراءات تجارية انتقامية ردا على إجراءات واشنطن.
وخلال مشاركته في جلسة الفرص والتحديات التي تواجه صناعة الغاز حول العالم بمؤتمر الغاز العالمي المنعقد في واشنطن، قال بويان إنه يتمنى ألا تفقد الولايات المتحدة السوق الصينية للغاز، لأن في ذلك خسارة كبيرة لتسويق الغاز الأميركي، خاصة أن الصين تعتبر أكبر المستوردين للطاقة حول العالم، والاستحواذ على حصة كبيرة من السوق الصينية للغاز سيمثل إضافة كبيرة لاقتصاد أي دولة. وأضاف في تصريحات للصحافيين أن أميركا لديها فرص جيدة في قطاع الغاز الطبيعي، لكن السوق العالمي بأكمله يعتمد بشكل كبير على حجم الطلب من الدول الآسيوية؛ وخاصة الصين.
وكان من المتوقع أن يبلغ حجم المشتريات الصينية من الغاز الطبيعي الأميركي مليارات الدولارات خلال السنوات المقبلة، ما كان سيصاحبه خلق عشرات الآلاف من الوظائف الأميركية. وأعلنت الصين خلال الأيام الماضية عن استبعاد الغاز الطبيعي الأميركي من قائمة الموردين المحتملين للصين خلال الفترة المقبلة، على خلفية إجراءات التجارة الحمائية التي تتبعها الولايات المتحدة.
وكانت شركة الغاز الطبيعي المسال الأسترالية "أستراليا إل إن جي ليميتد" أعلنت قبل أيام أن المحادثات التي كانت تجريها مع المستثمرين الصينيين لتوريد الغاز الطبيعي الأميركي إليهم قد توقفت إلى أجل غير مسمى، حتى يتم إنهاء الأزمة التجارية الحالية بين الولايات المتحدة والصين.
من جانبه، أكد بوب دادلي المدير التنفيذي لمجموعة "بريتش بتروليوم" أن العالم بحاجة إلى مزيد من الانفتاح لتلبية احتياجات الغاز الطبيعي. موضحا أن "ذلك لا يمكن أن يتم عبر سياسات تجارية حمائية من شأنها أن تعرقل النمو الاقتصادي وتتسبب في خسائر جماعية".
وأضاف أن التوجه العالمي بدأ يتجه بقوة إلى الغاز الطبيعي باعتباره أفضل البدائل المتاحة حاليا للطاقة وله كثير من المزايا، مشيرًا إلى أن زيادة اعتماد الشركات العالمية على التكنولوجيا الحديثة في إنتاج وتوزيع الغاز ساهم بشكل كبير في تقليل تكلفة الوحدة وفتح المجال أمام مزيد من التوسع في استخدام الغاز حول العالم بما في ذلك الدول الفقيرة. ويرى دادلي أن الانتخابات النصفية المقبلة في الولايات المتحدة ستجعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعيد التفكير في سياساته التجارية؛ ليس فقط مع الصين ولكن مع باقي الدول، مشيرا إلى أن ترامب لن يرغب في خسارة جميع مؤيديه بسبب سياسته التجارية التي تسببت بالفعل في امتعاض كثير من الشركات الداعمة له، وشاركه المدير التنفيذي لمجموعة توتال الفرنسية هذه الرؤية، حيث قال إنه يأمل في أن تؤدي الانتخابات المقبلة إلى تخفيف حدة التوتر بين بكين وواشنطن والعودة مرة أخرى إلى "عالم مستقر".
وتعد الصين ثاني أكبر سوق مستورد للغاز الطبيعي في العالم بعد اليابان، حيث تخطت كوريا الجنوبية في حجم الواردات. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب الصيني على الغاز خلال السنوات المقبلة بنسبة كبيرة، خاصة مع توجه الحكومة الصينية لتخفيض الاعتماد على الفحم في توليد الطاقة بسبب زيادة الضغوط الغربية على بكين لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الذي يؤثر سلبا على المناخ.
وبلغت نسبة زيادة الواردات الصينية من الغاز الطبيعي العام الماضي نحو 42 في المائة. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن شركات الغاز العالمية العاملة في السوق الأميركية بدأت محادثات تحذيرية مع أعضاء الكونغرس لإيجاد حلول لأزمة النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، ومحاولة تجنب الآثار السلبية التي يمكن أن يتسبب فيها هذا النزاع للاقتصاد الأميركي بشكل عام وليس فقط قطاع الغاز.
وكان عدد من الرؤساء والمديرين التنفيذيين لكبرى شركات النفط والغاز حول العالم انتقدوا المنهج الذي يتبعه الرئيس الأميركي في التجارة، وتأثيره السلبي على الاقتصاد العالمي، وأبدوا خلال مشاركتهم في الجلسات الحوارية لمؤتمر الغاز العالمي المنعقد في واشنطن، مخاوفهم من أن ينجرف العالم نحو مزيد من الحمائية. وانتقد كل من دارين وودز المدير التنفيذي لشركة إكسون موبيل الأميركية العملاقة، ومايك ريث المدير التنفيذي لشركة شيفرون، سياسات ترامب التجارية، وأبديا مخاوفهما من تأثيرها على مستقبل صناعة الغاز في الولايات المتحدة؛ خاصة بعد إعلان الصين عن اتخاذها إجراءات انتقامية ضد الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصادرات الصينية.