لندن_ اليمن اليوم
أعلن جيم يونغ كيم رئيس البنك الدولي بأن أسواق العمل ستشهد تغيرات كبيرة حيث سيكون هناك فجوة عمالة تقدر بنحو 300 مليون شخص في العام 2050. وذلك نتيجة دخول 450 مليون شخص إلى أسواق العمل ومغادرة 150 مليونا، بينما سيحتاج العالم بحلول العام 2020 إلى 139 مليون وظيفة، تزيد في العام 2030 إلى 180 مليون وظيفة.
وأكد كيم أمس أن التحدي لا يقتصر على عدد الوظائف التي يحتاجها العالم بل يشمل جودة الحياة بعد أن يصبح الإنترنت متاحاً لثمانية مليارات شخص، مشيراً إلى أن المقارنة لن تكون بين أجر إنسان وآخر بل بين ما يمكن الوصول إليه عبر الإنترنت، وبالتالي ستزداد الرغبات والآمال وستكون الطموحات كبيرة، لأن ثقافة وطبيعة العمل ستختلف جذرياً.
واستعرض كيم أمثلة لعدد من الدول التي تحاول توظيف التكنولوجيا لتحسين مستويات المعيشة، كما في رواندا التي تستخدم طائرات من دون طيار لتوفير بعض الخدمات الطبية وتحديداً لإيصال أكياس الدم إلى من يحتاجونه في المناطق النائية، موضحاً أن هذا التقدم في مجال توظيف التكنولوجيا يخلق تحديات ناجمة عن تعطيل وظائف كثيرة كانت متضمنة في تلك المجالات.
وجاء حديث رئيس البنك الدولي خلال جلسة رئيسية بعنوان "دور الحكومات في بناء رأس المال البشري" في القمة العالمية للحكومات بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وبالعودة إلى كيم الذي قال "الدراسات تشير إلى أن 15 في المائة من الوظائف الحالية ستختفي مستقبلا بسبب الأتمتة، في حين أن 65 في المائة من طلاب المرحلة الابتدائية في يومنا هذا سيمارسون وظائف ليست موجودة اليوم".
وتطرق رئيس البنك الدولي إلى دور الحكومات في بناء رأس المال البشري، وقال "الاستثمار في البشر هو الأهم من بين أنواع الاستثمار الأخرى، وإن أموراً كثيرة ومستجدات طرأت على واقع التكنولوجيا، وثمة أسئلة كثيرة عما إذا كان التنافس سيكون متاحاً أمام الدول الأقل تنمية ودخلاً".
وأكد كيم خلال كلمته أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، قائدان من أصحاب الرؤى التي تغيّر وجه العالم، وأشاد بجهود الإمارات واستثمارها في العنصر البشري وهو الاستثمار الذي يترابط بشكل وثيق مع سياسات تحسين الاقتصاد وجودة الحياة، مثنياً على رؤية القيادة الإماراتية.
وأشار رئيس مجموعة البنك الدولي إلى أن المستقبل سيغير طبيعة التعليم ونوعيته كما سيغير نمط الحياة الغذائي، وتطرق إلى دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية عن مقاييس النمو المطلوبة، وخاصة خلال السنتين الأوليين من العمر، ومشكلة "التقزّم" التي تؤثر على الدماغ، ومستوى الذكاء، مع طرح بعض الإحصائيات عن بعض المناطق التي تعاني من سوء التغذية، إذ تبلغ أكثر من 30 في المائة في إندونيسيا والهند وباكستان، وتنخفض النسبة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 18 في المائة.
وأوضح كيم أن الأطفال الذين يعيشون في ظروف غير صحية لن يكسبوا المال حتى لو توفر لهم التعليم، وأكد أن هذه الظاهرة الصحية قد تتسبب في آثار نفسية خطيرة مثل الإحباط والغضب والخوف والضعف والتطرف والإرهاب، مشدداً على ضرورة التصدي لهذه التحديات، ومعالجة قضية التعليم في عالم يضم 250 مليون طفل يعانون الأمية، ومثلهم لا يحظون بتعليم مدرسي، في حين أن آخرين يتأثر مستوى تحصيلهم بحسب جودة مخرجات التعليم التي تتفاوت بين بلد وآخر، إلى حد أن الفجوة قد تبلغ 5 سنوات بين الطالب الذي وصل إلى الصف 12 في سنغافورة وزملائه في دول مثل اليمن ومالاوي.
واستعرض رئيس مجموعة البنك الدولي المهارات التي يجب أن يُزوَّد بها الأطفال والقيم التي يجب أن يتربوا عليها مثل التعاطف والتركيز ليصبحوا أصحاب أداء أفضل في اقتصاد المستقبل، وقال "للمرة الأولى في تاريخ الجنس البشري أصبحنا نحسب قيمة رأس المال البشري والذي يعتمد في تكوينه على ما يحصل عليه الأفراد من تربية وتعليم، وهو ما لا تدركه دول كثيرة، علما بأن الدول التي حققت أفضل النتائج مثل دول شرق آسيا استثمرت بالعنصر البشري ما أدى لدعم زيادة نموها، واستعرض جانبا من التجارب الناجحة لبعض الدول في هذا السياق مثل عمان والبيرو، وفيتنام".
التحالف العالمي للسعادة
إلى ذلك شهدت القمة العالمية للحكومات إطلاق "التحالف العالمي للسعادة"، الذي يضم وزراء من 6 دول هي الإمارات والبرتغال وكوستاريكا والمكسيك وكازاخستان وسلوفينيا.
وقال الشيخ محمد بن راشد بأن العالم بحاجة إلى صيغة جديدة للتحالفات الهادفة لخير الإنسان وسعادته، وأضاف "التحالف العالمي للسعادة يعبّر عن رسالة تلتقي فيها دولة الإمارات مع تطلعات وآمال الشعوب حول العالم، التي تطمح لمستقبل أفضل، حان الوقت لنُجمِع كحكومات على آليات عمل لتحقيق السعادة للناس والارتقاء بجودة حياتهم".
وأضاف: "سعادة الناس من وجهة نظرنا مقياس لكفاءة الأداء الحكومي وركيزة لتقييم السياسات والبرامج، وقاسم مشترك لعمل القطاعين الحكومي والخاص، هذا التحالف فرصة لتبادل المعارف والخبرات والاستفادة من تجاربنا كدول، ومناسبة لعرض رؤيتنا في الإمارات لأهمية السعادة وما تشكله من غاية سامية لعمل الحكومة".
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن الاستثمار في السعادة هو استثمار في الأمن والسلام والتعايش بين شعوب الأرض، وقال: "السعادة عدو الكراهية والتطرف، ونتطلع إلى أن يؤسّس التحالف الدولي للسعادة لتغيير إيجابي في العالم".
ويهدف التحالف العالمي للسعادة إلى تعميم مفهوم السعادة كأساس وغاية للتنمية والعلاقات بين الأمم، وتبادل الخبرات وقياس أثر التجارب الرائدة في تكريس السعادة كنهج للعمل الحكومي في كافة القطاعات، إذ جاء إطلاق هذا التحالف في أعقاب الزخم الذي حققه الحوار العالمي للسعادة الذي أقيم عشية انعقاد القمة العالمية للحكومات في دورتها السادسة.
وينصّ الإعلان المشترك للتحالف العالمي للسعادة، على تحقيق عدد من الأهداف هي: المساهمة الفعالة في تعزيز الحوار حول السعادة على المستوى العالمي، ونشر المعرفة وتبادل المعلومات والخبرات بشأن تطبيق سياسات السعادة على نطاق أوسع بين الدول الأعضاء، وتنفيذ المشاريع المشتركة التي تعزز جهود تلك الدول.
وكما نص الإعلان المشترك على عقد التحالف العالمي للسعادة اجتماعاً سنوياً ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات في الإمارات، لبحث الإنجازات والتطورات، وتبادل الأفكار التي يمكن أن تساعد أعضاء التحالف في الارتقاء بالسياسات والبرامج وأطر العمل الرامية إلى تحقيق السعادة المستدامة للمجتمعات.