صنعاء ـ خالد عبدالواحد
كشف الكاتب والخبير العسكري اليمني علي الذهب أن صمود الرئيس الراحل علي عبدالله صالح أمام الحوثيين لفترة طويلة، تفضي إلى استنزاف قواهما، ومن ثم تحديد خيار التدخل، بشروط تحقق امتيازات ومكاسب تفوق ما يعطي طرف صالح، بناء على ما أشيع بشأن تفاهمات سرية جرت بين الطرفين.
وأضاف الذهب في مقابلة مع صحيفة "اليمن اليوم" أن التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، ترك صالح يواجه قدره منفردا، ليتسنى الانفراد بالحوثيين، بعد أن يكونوا مثقلين بأعباء المواجهات، سواء المادية، أو الاحتقان الشعبي، الذي خلفه مقتل صالح وبعض قادة حزبه ومن وقف معه من القادة العسكريين؛ وأشار علي الذهب إلى أن أي تفاهمات سرية بين صالح وطرف الشرعية، لم تكن لتجد طريقا إلى الواقع، بسبب القرارات الأممية، التي تكبله وبعض أفراد أسرته، فضلا عن قناعة بعض القوى الدولية والإقليمية الفاعلة، بانتهاء دوره السياسي.
وكشف الخبير العسكري علي الذهب سبب التقدم العسكري للحكومة الشرعية في الساحل الغربي لليمن ومحافظة شبوة شرقي البلاد، وقال الذهب إن تقدم قوات الشرعية في مناطق الساحل الغربي في مديريتي بيحان بمحافظة شبوة وميدي الحدودية بمحافظة حجة شمال غرب اليمن، استثمار لأحداث ديسمبر/ كانون الأول 2017، التي أحدثت تصدعا غير مدرك في جبهة الانقلاب، (بين الحوثي وصالح) سواء من خلال تراجع معنويات المقاتلين الموالين لصالح، أو ترك البعض منهم مواقعهم، بمن فيهم من كانوا تحت القيادة المباشرة ليحيى صالح في جبهة المخاء، أو في محافظة شبوة، التي قتل أبرز رجالها، وهو الأمين العام لحزب المؤتمر، عارف الزوكا، وهو يقاتل جنبا إلى جنب مع صالح.
وأكد الذهب أن هناك عامل آخر، وهو الأساس، لعملية تقدم الشرعية في جبهات القتال مع الحوثيين ؛ ممثلا بالسعي لتمكين الشرعية من البلاد، بعد دحر الانقلاب، ومحو آثاره، وهو كذلك، ما تقاتل لأجله قوات الشرعية، مدعومة بالتحالف.
استغلال مقتل صالح
وأشار الذهب إلى أن تعامل التحالف والسلطة الشرعية مع مقتل صالح ، ومقدرتها على استغلاله لتحقيق أهدافها. وقال الذهب إن موقف المؤتمر الشعبي(في مناطق سلطة الأمر الواقع)، يلعب دورا كبيرا في ذلك، بوصفه الأساس؛ فقد كان الكثير من قياداته وقواعده شركاء في الانقلاب والحرب. مشددا على أنه يجب أن يكون هناك عمل دؤوب لحزب المؤتمر الشعبي العام في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية، حتى يحاول من خلاله التوفيق بين ما تراه الشرعية وبين ما بدأه صالح من فض للشراكة مع الحوثيين، وخوض معركة استرداد الدولة.
وفي الجانب العسكري قال الخبير العسكري والباحث في الشؤون الاستراتيجية اليمنية إنه، يمكن أن تحدِّد النتائج، وبشكل واضح، معركة محافظة الحديدة؛ حيث يرابط في هذه الجبهة الكثير من الموالين لصالح، من القادة العسكريين، فضلا عن الحزبيين، وهو ما يُتوقع استغلاله من قبل أطراف في التحالف، لخلق واقع جديد في هذه المناطق، أو في إقليم تهامة عموما.
اجتثاث انصار صالح
وأشار علي الذهب إلى أنه ليس هنالك بين الحوثيين والقوات الموالية لصالح انشقاقات حقيقية. مؤكدا أنها عملية اجتثاث يقوم به الحوثيون في صفوف أنصار صالح، من العسكريين، والحزبيين، والقبليين، بذرائع مختلفة، والذين وضعهم سوء الحظ بين مطرقة الحوثية وسندان الشرعية والتحالف.
وأضاف الذهب أن خروج هؤلاء، أو من استطاع اللجوء إلى الشرعية، والاعتراف بها, يمثل مكسبا غير مدرك للشرعية، ولو لم يسند إليهم أي دور في الوقت الراهن، أما مستقبلا فأظن أن دورهم سيكون فاعلا، إذا ما جرى استغلاله استغلالا ذكيا.
وقال إن مكاسب الحكومة الشرعية على المستوى الدولي، يتمثل بالنظر إلى الموقف الروسي، وكيف تحول كثيرا، ولو شكليا، من خلال مغادرة البعثية الدبلوماسية الروسية من صنعاء.
وأكد الذهب أن ما حدث مرتبط بمقتل صالح، الذي أرسلت روسيا فريقا طبيا لمعالجته، بوصفه أحد من تبقى من أصدقائها من زعماء حقبة الحرب الباردة في المنطقة ، موضحا أن الحوثيين خسروا الكثير مما كانت روسيا قادرة على فعله لأجلهم في وجود صالح. وأوضح أن لقوات صالح دور في تحرير مديرتي بيحان وعسيلان، لكنه غير معلن وغير مدرك، والاعتراف به لا يشكل انتقاصا لدور قوات الشرعية.
تأخر الحكومة الشرعية في الحسم
وأعلن الخبير العسكري علي الذهب أن الحرب ليست رحلة صيد أو استجمام،مضيفا: الحرب قرار سياسي، واقتصادي، وعسكري. وأضاف أن الحسم العسكري يتعلق بالتضاريس الطبيعة للارض اليمنية مبينا أن لكل منطقة ظروفها السياسية، وطبيعة القتال فيها، والإمكانيات، التي تتطلبها أي معركة فيها.
واشار الذهب إلى أنه لا يزال هناك مخاوف من قبل بعض دول التحالف العربي تجاه مكونات سياسية داخل الشرعية، ومنها حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي لوحظ خلال الأيام القليلة الماضية، تحولا في موقف التحالف منه، لكن ذلك مرهون بالعمل، وصدق النوايا، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة.
تحرير مدينة تعز
وأكد علي الذهب أن عملية التحرير تتعلق بالمكاسب، التي يسعى إليها التحالف من خلال نفوذه في مناطق اليمن وأن ما يجري على الأرض من تقدم للقوات، يصب في هذا الاتجاه. وأوضح الذهب بقوله : لو أن الأمر غير ذلك، لكانت محافظة تعز أولى بالتحرير من الساحل والحديدة، في إطار الهدف الأساسي ، الذي يؤمله مناصروا الشرعية، ورافضوا الانقلاب.
وأشار إلى أن مايجري في محافظة تعز من مواجهات بين الحوثيين والجيش الوطني ومعه المقاومة الشعبية، لا يخرج عن موقف بعض أطراف التحالف من بعض القوى الفاعلة في المحافظة،مضيفا أن هناك فصائل في المقاومة ليس في يدها خيار الحسم، أو بدء القتال، أو إيقافه.
تحرير صنعاء عاصمة الحوثيين
وأكد الخبير الاستراتيجي اليمني، أن التحالف العربي وقوات الجيش الوطني يعمل على ترسيم لحدود الأقاليم؛ الأهم فالمهم. وقال الذهب إن للعاصمة صنعاء وضعها الخاص، فهي مدينة كبيرة، جغرافيا وسكانيا، ولها نظامها القبلي الخاص، وولاءاتهم المختلفة، وبها مصالح كافة الفرقاء السياسيين في اليمن. وأشار إلى أن مستقبل العاصمة صنعاء بعد سيطرة الشرعية عليها، قد يكون مرعبا، أن لم تكن هنالك استراتيجية محكمة لإدارتها أمنيا. وأوضح أنه قد تكون هنالك خطة لتحريرها، لكن التحولات، التي تحدث هنا وهناك، تجعل منها خطة غير جاهزة للتنفيذ في أي وقت.
مستقبل الحكم في اليمن
وعن مستقبل الحكم في اليمن قال الذهب إنه ليس بأيدي اليمنيين وحدهم ولا التحالف العربي مضيفا أن هنالك قوى دولية قد تخلط الأوراق في حال عدم رضاها على ما لا يوافقها أو يتعارض مع مصالحها.
صمود الحوثيين ألف يوم
وقال الخبير العسكري الذهب، إن صمود الحوثيين ليس دليلا على قوتهم؛ فلقد خسروا الكثير من المقاتلين، والمعدات العسكرية، ولم يستطيعوا التشبث بالأرض، التي كانت تحت سيطرتهم فيما مضى، أو كسب أراضي أخرى. وأكد أن الحوثيين يبحثون عن أدنى نصر بأي ثمن مضيفا أن هذه مشكلتهم هم وليست مشكلة الطرف الآخر. وكشف أن صمود الحوثيين ليست قوة بقدر ما هي مغامرة ومقامرة يدفع ثمنها الأبرياء، الذين يقتلون بسوء تصرفهم،مشيرا إلى أن التحالف والشرعية يسهمان في تمكينهم من ذلك، واستراتيجية الحرب لدى التحالف، تركز على استنزاف قوتهم البشرية وقدراتهم العسكرية، وقد مكنتهم بعض الأسلحة، كالصواريخ الباليستية مثلا، من تحقيق نصر إعلامي، يعلي من همم مقاتليهم، وتلميع صورتهم داخليا وخارجيا.
الدعم الايراني للحوثيين
وأكد الذهب أن الحوثيين يتلقون الدعم الإيراني المتنوع، الذي أشارت إليه تقارير فريق الخبراء المعني باليمن، ودور حزب الله، وما يقدمه من دعم عسكري لا يقل أهمية عن الدعم الإيراني، الذي وثقته الكثير من التقارير المتلفزة والمكتوبة. وأضاف الذهب إلى أن قيام الحوثيين بتوجيه موارد الدولة إلى خزينة الحرب، في إطار مفهوم اقتصاد الحرب ساهم في اطالة امد الحرب ، مشيرا إلى أن الحوثيين لايقدمون خدمات للمواطن، مقابل العوائد الكبيرة، التي يحصلون عليها منه.
وقال إن صمود الحوثيين ليس بفعل قوتهم، التي يروجون لها، ولكن بسبب موقف التحالف والشرعية، سواء كان ذلك الموقف مبيتا، أو ناجما عن ضعف حقيقي.
المجلس الانتقالي الجنوبي
وفي الإجابة عن سؤال هل تخلى المجلس الانتقالي عقب مقتل صالح عن مشروع الانفصال، قال إن صمت المجلس الانتقالي قد يكون ذلك نوع من التهدئة، وأظن أنهم ماضون في مشروع الانفصال، ولكن التحالف يناور مع هذا الطرف وذاك. وبيَّن: "أن الانقسامات التي يعاني منها الحراك الجنوبي، يأتي بعد طغيان قادة جدد على المشهد، متجاوزين قادة مخضرمين كان لهم الدور الأبرز في ولادة الحراك الجنوبي".
وأكد أن تماسك السلطة الشرعية، المشاركة في الحكم في إطار الفدرالية من أقاليم متعددة، التي لن تضع، بأي حال، الجنوب كله في كيان جغرافي واحد أو كيانين، لن يمكن المجلس الانتقالي من تنفيذ مخططه.
عودة حزب المؤتمر إلى الواجهة السياسية
وقال الذهب إن حزب المؤتمر الشعبي جناح الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ، يعاني حقيقة أزمة كبيرة الآن لم يشهدها من قبل. وأشار إلى أن الحزب ووجوده في إطار قياديتين، شرعية وانقلاب، لم يؤثر على الحزب، لأن ذلك كان ظاهريا،مؤكدا أن الأخطر، الآن، أن يتحول إلى حزب ظل للحوثيين، الذين يخترقونه، قياديا، وإعلاميا. مشيرا إلى أنهم يبذلون في سبيل ذلك جهودا مضنية.
وأكد الذهب أن عودةالحزب إلى الواجهة مرهون بانتهاء الحرب، وبعودة الأحزاب إلى المعترك السياسي، الذي سيعقب ذلك، أما في الوقت الحالي فهو، كما يبدو، حاضرا كغيره من الأحزاب.
لقاء قيادة دول التحالف برئيس حزب الاصلاح
واكد الباحث الاستراتيجي أن لقاء ولي العهد السعودي، وولي العهد الاماراتي مع قيادة حزب الإصلاح يكشف عن مرحلة جديدة من الحرب والعملية السياسية معا،مؤكدا أن حزب الإصلاح يعد أكبر شريك في السلطة الشرعية وفي الدفاع عنها، والسعي لاستعادة الدولة، من خلال قواعده، التي التحقت بجبهات القتال. وقال الذهب إن الحزب لا يمكن أن يتصرف كميليشيا تبحث عن سلطة،مشيرا إلى أنه حزب سياسي يعلم حدوده ودوره.
استعادة الدولة
واكد الباحث الاستراتيجي أن التحالف العربي، وخصوصا المملكة العربية السعودية جادة في استعادة الدولة والشرعية، وإعادة اليمن إلى محيطه العربي، وإلى العلاقة الأخوية، التي تربطه مع الجوار، القائمة على الاحترام المتبادل، وحفظ الأمن والسلام في المنطقة، بعد أن باتت هدفا دائما للصواريخ، التي يطلقها الحوثيون ، مضيفا : انه مهما كان هناك موقف للتحالف،العربي فإرادة اليمنيين لن تقف أمامها أي قوة، في تحقيق ذلك، حتى وإن خذلهم التحالف أو غيره من القوى الكبرى. واختتم حديثه أنه لا يمكن أن تتغير الحرب وتنتهي جذريا، على المدى القريب للحرب مشيرا إلى أن الأشهر الأربعة الأولى من العام المقبل، ستغير كثيرا من توزيع النفوذ على الأرض، لمصلحة السلطة الشرعية، ومن خلفها التحالف.