سلطات الأمن السودانية

نجحت سلطات الأمن السودانية، في تحرير رهينة سويسرية، اختطفتها جماعة مجهولة الشهر الماضي في مدينة الفاشر في ولاية شمال دار فور غرب البلاد، وينتظر أن تكون قد وصلت الخرطوم مساء الأربعاء.

ونقلت تصريحات عن مدير الإعلام في جهاز الأمن والمخابرات السوداني، أن السلطات نفذت عملية أمنية نوعية، حررت بموجبها الرهينة، بدون تقديم المزيد من الإيضاحات.

وكان مدير مكتب والي شمال دارفور خالد مريود قد ذكر أن قوة من الدعم السريع، التابع للقوات المسلحة السودانية، وجهاز الأمن والمخابرات، حررتا المتطوعة السويسرية مارغريت شنكل مساء الثلاثاء، في منطقة "كتم" شمال مدينة الفاشر. ولم يكشف حتى اللحظة عن "الجهة التي كانت تحتجز المتطوعة"، ولم توضح أسباب اختطافها، وكيفية إطلاق سراحها.

وكانت الخارجية السويسرية قد طالبت بالإفراج عن مواطنتها في أسرع وقت ودون شروط، وكلفت السفارة السويسرية في الخرطوم بمداومة الاتصال بالسلطات حتى انجلاء قضية الاختطاف. ورجح مسؤول محلي أن تكون دوافع الاختطاف الابتزاز للحصول على فدية، لكن مسؤولين سودانيين قطعوا برفض الحكومة دفع أي فدية، وقال زير الخارجية إبراهيم غندور وقتها، إن سياسات حكومته ترفض دفع أي فدية من أجل تحرير أي مختطف سوداني أو أجنبي.


واختطف مسلحون مجهولون المتطوعة السويسرية في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وسط سوق مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور بغرب البلاد. وقال شهود وقتها إن المسلحين أجبروا السيدة البالغة من العمر 70 عاماً على ركوب سيارتهم تحت تهديد السلاح، ثم اقتادوها إلى مكان مجهول ظلت فيه حتى الإفراج عنها.

وتعمل السيدة مارغريت شنكل في المجال الإنساني، وكانت تقدم العون والمساعدات للأطفال في الولاية، وتدير مركزاً لمعالجة الأطفال المصابين بسوء التغذية. وخلال عملها في السودان، الذي امتد إلى 30 عاماً، أنشأت شنكل كثيرا من المراكز الخدمية، وتطوعت في عدد من مناطق البلاد، في الشرق والشمال والغرب.
واستفادت عصابات تعمل في دارفور من عدم الاستقرار الناتج عن الحرب في الإقليم، واستغلت ذلك لاختطاف أجانب ونشطاء غربيين على وجه الخصوص للحصول على فدية. وأفلحت سلطات الأمن السودانية في تحرير عدد منهم، لكنها اعتادت على عدم تقديم تفاصيل عن تلك العمليات للصحافيين، ما يساعد على رواج تكهنات بحصول الخاطفين على "الفدية المطلوبة".

وتشهد الساحة الصحافية السودانية منذ أسابيع توتراً عنيفاً بسبب تعديلات مقترحة على قانون الصحافة مثيرة للجدل، واعتبرت غير دستورية، وتكرس لمزيد من تقييد الحريات الصحافية. واحتجاجاً على هذه التعديلات نفذ عشرات الصحافيين، أمس، وقفة احتجاجية داخل المجلس القومي للصحافة والمطبوعات التابع لرئاسة الجمهورية، حملوا خلالها لافتات مناوئة للتعديلات المقترحة، التي تبيح تدخل الدولة في الشأن الصحافي، وتنتهك الحريات حسب قولهم.

ونظمت "شبكة الصحافيين السودانيين"، وهي تنظيم صحافي مستقل مناوئ لاتحاد الصحافيين المقرب من الحكومة، حملة توقيعات على مذكرة لرئاسة الوزراء، وقعها عشرات الصحافيين العاملين داخل البلاد وخارجها. وتزامنت الوقفة الاحتجاجية مع ورشة عقدها مجلس الصحافة والمطبوعات لمناقشة تلك التعديلات، شارك فيها عدد من رؤساء التحرير والصحافيين والناشرين وخبراء الصحافة؛ لكن الشرطة طوقت المكان ومنعت الصحافيين من تنظيم الوقفة في الشارع المؤدي للمجلس، ما دفعهم لتنظيمها داخل مباني مجلس الصحافة، وقبيل ذلك اعتقلت الصحافية شمائل النور، ثم أطلق سراحها بعد ساعات.

وقالت النور لـ"الشرق الأوسط"، إن رجال أمن في ملابس مدنية ألقوا القبض عليها أمام المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، ونزعوا هاتفها وقادوها إلى أحد المقرات الأمنية، ثم أفرجوا عنها بعد ساعات تحت مزاعم تصويرها لإحدى آليات الشرطة التي كانت تطوق المكان. وأثارت التعديلات المقترحة على قانون الصحافة 2009 الوسط الصحافي السوداني، وذلك عقب توجيه مجلس الوزراء بإجراء مزيد من الحوار والتداول حولها. ووصف الصادق الرزيقي، رئيس الاتحاد العام للصحافيين السودانيين المقرب من الحكومة في الورشة، التي أقيمت أمس بمباني المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، القانون المقترح بأنه تعديل "معيب وكارثي"، وقال إن هناك ما أسماه "مخاوف من الدولة بشأن الأداء الصحافي"، دفعت إلى اقتراح تلك التعديلات، وشدد على أهمية إخضاع القانون قبل تعديله إلى مزيد من الحوارات والنقاشات للوصول إلى "صيغة مثلى" لقانون جيد للصحافة في البلاد.

وتبنى الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات، عبد العظيم عوض، تلك التعديلات، داعيا إلى إجازتها، وقال إن اللجنة التي اقترحها تكونت من "رئيس اتحاد الصحافيين، وممثلين للسلطة القضائية، وجهاز الأمن، ووزارة الداخلية".

وانتقد فيصل محمد صالح، الصحافي الحائز على "جائزة بيتر ماكلر" للشجاعة والنزاهة الصحافية، التعديلات بشدة، واعتبرها ثمرة مناخ سياسي وتشريعي سيئ، جعل منها الأسوأ في العالم.

ووصف صالح التعديلات المقترحة بأنها غير دستورية، باعتبار أن القوانين تنظم الحريات ولا تصادرها، وقال إن "مثل هذه القوانين هي السبب في تصنيف السودان من بين أسوأ الدول في مجال الحريات الصحافية. ولا توجد مثل هذه التعديلات إلا في قوانين الدول الأسوأ في مجال الحريات الصحافية، وإذا كان السودان يريد تصنيفه ضمن هذه الدول، فإن هذه التعديلات تجعله مؤهلاً لذلك بجدارة".

وتمنح التعديلات المقترحة على قانون الصحافة لسنة 2017 المجلس القومي للصحافة والمطبوعات سلطة تعليق صدور الصحف لمدة 15 يوماً، بعد أن كانت 3 أيام في القانون الحالي. كما تتيح له سلطة إيقاف الصحافيين عن الكتابة، وسحب قيده مؤقتاً، وتمكنه من سلطة ترخيص النشر الإلكتروني. وفي الوقت ذاته تقلص التعديلات تمثيل الصحافيين في المجلس القومي للصحافة، من 8 أعضاء إلى 5 أعضاء. ويصنف السودان في المركز 174 من أصل 180 دولة، وفقاً لمؤشر قياس حرية الصحافة، الذي أعدته منظمة مراسلون بلا حدود، المعنية بالحريات الصحافية لعام 2017.