الجزائر – ربيعة خريس
تضمنت افتتاحية مجلة الجيش الجزائري, في عددها الأخير، ردًا شديدا اللهجة على الأصوات التي تطالب بتدخل الجيش في السياسية, ووصفتهم بالأقلام المأجورة. وعلقت المجلة, التي تعتبر لسان حال الجيش الجزائري, على دعاة تدخل الجيش في الحياة السياسية قائلة: "إنجازات جيشنا وما حققه على أرض الميدان دفعت ببعض الأقلام المأجورة إلى تنصيب نفسها مدافعًا عن حرية الشعب، وهي التي وصفته بالأمس القريب بكل النعوت والأوصاف، أقلام مأجورة خاضت في كل المواضيع والاختصاصات من الشريعة إلى التاريخ مرورًا بعلم الفلك والسياسة والاقتصاد، وغيرها من المعارف والعلوم, وعندما أخفقت وفشلت وتيقنت من عجز فكرها ومحدودية تأثيرها عرجت على مؤسسة الجيش الجزائري، معتقدة أنها بتفليق التهم وتزوير الحقائق وسرد التعريفات الأكاديمية المملة والاستعانة بالكنايات والاستعارات والسجع والطباق سيفرش أمامها البساط الأحمر وسيصطف الشعب ويصفق ويهلل، وسيصنفها التاريخ في خانة الأبطال والصالحين".
ولم تتضمن افتتاحية مجلة الجيش الجزائري اسمًا معينًا ما عدا وزير التجارة الأسبق، نور الدين بوكروح، الذي شن هجومًا عنيفا على قيادات عليا في الجيش الجزائري, ودعا الجيش إلى التدخل بسبب غياب الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، عن الواجهة. وقالت المجلة بلغة صريحة وواضحة: "هيهات، المواطن الجزائري ليس بذلك البليد أو المعاق ولا يحتاج إلى وصي تلجمه المناصب والمسؤوليات، ولما يعزل يبيع نفسه للشيطان ويؤجر قلمه لآثم حقود".
وشملت الافتتاحية ردًا صريحًا ومباشرًا على دعاة الانقلاب العكسري، بدون الكشف عن هوياتهم، بالقول: "لكل من يطالب سرًا أو جهرًا أو ضمنيًا بالانقلابات العسكرية نذكره بما قاله نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، خلال زيارته الأخيرة لكل من الناحية العسكرية الثانية والخامسة، حيث قال سيظل جيشنا جيشًا جمهوريا ملتزمًا بالدفاع عن السيادة الوطنية وحرمة التراب الوطني، جيشا لا يحيد أبدًا عن القيام بمهامه الدستورية مهما كانت الظروف والأحوال.
وبعد فشل دعاة الانقلاب العسكري في إقناع الجيش بالتدخل في الحياة السياسية, أعلنوا عن مطلبهم القاضي بضرورة تفعيل المادة 102 من الدستور، وفي سابقة هي الأولى من نوعها, توجه قادة حزب جزائري معارض إلى الشارع للقاء الشعب الجزائري ومطالبتهم بتفعيل مطلب شغور منصب رئيس الجمهورية. وقام رئيس حزب "جيل جديد"، جيلالي سفيان, بجولة ميدانية لشرح المادة 102 من الدستور, التي تنص عل أنه إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبًا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع. وطالب المرشح الرئاسي السابق، نور الدين بوكروح, برفقة شخصيات سياسية وإعلامية، الجيش الجزائري بالتدخل لحماية صناعة القرار السياسي والسيادة الوطنية، بعد تشتت مصادر القرار في الجزائر.
وتصاعدت حدة هذه المطالب مباشرة عقب إقالة رئيس الوزراء الجزائري، عبد المجيد تبون، وثلاثة من وزرائه المقربين بعد 80 يومًا فقط من تعيينه على رأس الحكومة الجزائرية، التي شُكلت عقب الانتخابات النيابية الأخيرة، ورد الرئيس بوتفليقة على مطالب العزل السياسي، وظهر في نشاط حكومي نادر، حيث ترأس مجلسًا وزاريًا، الأربعاء، بهدف المصادقة على مخطط عمل الحكومة الجديدة بقيادة أحمد أويحي, في ظل جدل ومطالب سياسية لإقرار شغور منصب رئيس الجمهورية.