روما - بنا
تشارك مملكة البحرين، وللمرة الرابعة، في معرض العمارة الدولي الخامس عشر بمدينة البندقية بإيطاليا، وذلك عبر جناح خاص تقوم عليه هيئة البحرين للثقافة والآثار ويحمل عنوان "أماكن الإنتاج – الألمونيوم" والذي دشنته معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار صباح أمس الجمعة في الأرسينالي آرتجليري.
ويشكل جناح مملكة البحرين في بينالي البندقية دراسة خاصة لتفاصيل استخراج معدن الألمونيوم وإمكانيات استخدامه، حيث استلهمت الهيئة التوجهات المعمارية الحديثة في استخدام هذا المعدن العالمي وتأثيره على الهوية المعمارية المحلية، هذا عدا عن ارتباط صناعة الألمونيوم في البحرين بمكانة المملكة التاريخية خلال عصور تجارة المعادن والتي تعود جذورها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد. كما يتسق مضمون جناح "أماكن الانتاج – الألمونيوم" مع عنوان البينالي لهذا العام "Reporting From the Front".
وبهذه المناسبة أوضحت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: "في كل مرة نشارك في بينالي البندقية، فإننا نفتح نافذة على البحرين يستكشف عبرها العالم ما لدينا من إرث حضاري وإنساني ممتد وخصوصية معمارية تعطي مدننا هويتها القديمة والحديثة"، مؤكدة أن اختيار إنتاج الألمونيوم ليكون موضوع مشاركة البحرين هذا العام يأتي في ظل حركة عالمية كبيرة تسعى إلى توفير أفضل سبل بناء وتكوين النسج العمرانية، والتي يلعب معدن الألمونيوم دورا هاماً في تشكيلها.
وأردفت معاليها: "بالمشاركات العالمية نرتقي بصورة مملكة البحرين وحضورنا في بينالي البندقية بدأناه عام 2010م كأول دولة عربية وعززنا مكانتنا فيه بعد فزنا بجائزة الأسد الذهبي. واليوم، ومن من قلب مملكتنا التي تمتلك صناعة رائدة في صناعة الألمونيوم، نوثّق لجهود أبناء الوطن المبدعين الذين استشرفوا المستقبل وأسسوا لاقتصاد يبني إلى جانب الثقافة مجتمعا متماسكا وقادرا على التأثير الإيجابي في العالم".
ويجسّد جناح مملكة البحرين الذي صمم من قبل المهندسة نورة السايح من هيئة البحرين للثقافة والآثار والمهندس آن هولتروب ونفّذه استوديو آن هولتروب، هيكلاً معدنيا من الألمونيوم يحمل في جدرانه أشكالا مستوحاة من العمارة البحرينية الأصيلة، ويضم هذا الهيكل المعدني جميع مكونات الجناح ومعروضاته التي تتنوع ما بين صور فوتوغرافية وأعمال فيديو ومنشورات.
ويسلط جناح "أماكن الانتاج – الألمونيوم" الضوء على شركة "ألبا" وما تلى تأسيسها من ازدهار في صناعة الألمونيوم وذلك عن طريق مجموعة صور فوتوغرافية قام بها آرمين لينكه بالتعاون مع جوليا برونو حيث استكشفا عمليات الإنتاج بداية مع وحدات صب السبائك في ألبا وصولا إلى آلات صناعة المعدن في "جرامكو"، وصولاً إلى منتجات معدن الألمونيوم المختلفة من إطارات نوافذ ودخولها في تكوين المناظر الحضرية للبحرين، إضافة إلى ساحات الخردة التي تجتمع فيها مخلفات المعدن. كذلك فإن زوار الجناح سيطلعون على مقال قصير لكريستوفر يتناول فيه الخصائص والصفات البيولوجية للألومنيوم فضلاً عن بيان الآثار البيئية السلبية التي ما فتئت تزداد جرّاء عملية الإنتاج وزيادة وتيرة الاستهلاك، بينما يتحدّث رشاد فرج في مقال آخر عن الآثار المحلية الملموسة لشركة "ألبا" وصناعة الألمنيوم التحويلية على الاقتصاد البحريني.
وإضافة إلى ذلك فإن جناح البحرين في بينالي البندقية يضم صورا لواجهات المباني في البحرين للمصور كميل زكريا والتي التقطها على مدى فترةٍ طويلةٍ من الزمن، إذ تظهر شيوع الألومنيوم في العمارة البحرينية، ويسلّط المزيد من الضوء على هذا الجانب مقال بقلم علي كريمي يناقش فيه مدى صدق ودقّة تحول البحرين إلى استخدام الألومنيوم. كذلك يضم ركن آخر من الجناح صورا التقطت من مسبك للمعادن في هولندا حيث تم جناح "أماكن الإنتاج – الألمونيوم"، وتظهر فيه عملية إنتاج قطع ألومنيوم مسبوكة بواسطة قوالب رملية داكنة اللون.
ويرافق الصور الفوتوغرافية بحث أجرته مجموعة الأبحاث "موانئ" التي تتخذ من البحرين مقراً لها حول آثار صناعة الألومنيوم في البحرين من خلال تخطيط معالم المشهد الصناعي والبنية التحتية وتأثيرهما على النسيج الحضري، بالإضافة إلى تتبّع تأثير هذه الصناعة فيما يتعلّق بأسعار السلع العالمية ومدى ارتباطها بقطاع النفط وتموضع إنتاج البحرين للألومنيوم بالنسبة للإنتاج والاستهلاك على المستوى العالمي.
ويتكامل مع البحث تحليل الخطاب الدائر في البحرين حول الألومنيوم، وذلك من خلال استعراض أرشيف الصحف المحلية الرئيسية وما حوته من حملات إعلانية أطلقتها صناعة الألومنيوم أثناء انطلاقتها في فترة السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، والتي كانت بمثابة صدىً محليٍ لـ"الخطاب الحماسي" الذي كان يسعى دون كلل لربط دخول عصر الألومنيوم ببزوغ فجر حقبة جديدة من الحداثة في البحرين.
كل هذه العناصر المختلفة، تجتمع في جناح مملكة البحرين في بينالي البندقية لتشكل جسراً نحو فهم أكبر لآثار صناعة الألمونيوم على البحرين، إضافة إلى تقديم تحقيق مميز حول إمكانيات استخدام هذا المعدن في العمارة بعدياً عن تفاصيل إنتاجه، بما يشكل صورة أكثر شاعرية حول مادة أضحت تحدد تقريبا كل شيء في الحياة المعاصرة.
الجدير بالذّكر، إنّ بينالي فينيسيا تشارك فيه 63 دولةً من مختلف أنحاء العالم، تقدّم جميعها اشتغالاتها في ذات الحقل الموضوعيّ، وللمرّة الأولى تنضمّ 4 دول، هي: اليمن، الفلبين، نيجيريا وسيشيل.
وتعتبر هذه المشاركة هي الرابعة بالنّسبة لمملكة البحرين، إذ حصدت في مرّتها الأولى في العام 2010م جائزة الأسد الذّهبيّ في معرض (ريكليم) الذي انتقل لاحقًا لدول أخرى، أتبعتها مشاركة مميّزة في العام 2012م من خلال معرض (خلفيّة) و منثم مشاركة عام 2014م من خلال معرض حمل عنوان " Fundamentalists and Other Arab Modernisms".