الدرهم الإماراتي

يشكل ارتفاع أسعار الوقود مصدر قلق لغالبية المستهلكين في معظم دول العالم، لكن الوضع في الإمارات يختلف، فعلى مدار 38 شهراً هي عمر تطبيق سياسة تحرير أسعار الوقود، استقرت أسعار غالبية السلع الأساسية وغير الأساسية وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار الديزل بنسب غير بسيطة.

ويرجع خبراء بقطاع تجارة التجزئة وخبراء ماليون استقرار أسعار السلع رغم زيادة أسعار الوقود خلال شهور تطبيق سياسة التحرير إلى عوامل كثيرة أبرزها طبيعة القطاع التجاري بالدولة وشدة المنافسة بين كبار التجار إضافة إلى تراجع إيجارات المستودعات وقوة الدرهم والدور الرقابي الفعال لوزارة الاقتصاد.

فغالبية المستهلكين الذين يتجولون في مراكز البيع الكبرى في الدولة مثل مراكز كارفور واللولو هايبر ماركت والجمعيات التعاونية يشترون سلعا أساسية مثل الأرز البسمتي وزيت الطعام والسكر والشاي والطحين والمعكرونة بأسعار تكاد تكون هي نفس أسعار 2015 بل ربما تقل عنها في العروض الترويجية الأسبوعية أو عروض اليوم الواحد.

وطوال 38 شهراً - هي عمر سياسة تحرير أسعار الوقود - فقد تذبذبت الأسعار بين الإرتفاع والانخفاض المحدود ولم يشعر المستهلكون بقفزات كبيرة في أسعار الجازولين والديزل أثرت بشكل كبير على أسعار مستلزماتهم واحتياجاتهم اليومية.

فقد بلغ أعلى سعر للجازولين خلال شهر يونيو الماضي 2018، حيث وصل سعر لتر الجازولين 98 سوبر إلى 2.63 درهم والجازولين 95 خصوصي 2.51 درهم والجازولين بلس 91 2.44 درهم وسجل هذا الشهر أعلى ارتفاع للتر الديزل بـ 2.71 درهم "بحسب ما تم نشرة في جريدة البيان".

وسجلت أسعار الديزل خلال شهر مارس 2016 أدنى مستوياتها، حيث وصل سعر لتر الجازولين سوبر 1.47 درهم، ولتر الجازولين خصوصي 1.36 درهم، والجازولين إي بلس91 سعر 1.29 درهم، بينما سجل سعر لتر الديزل أدنى مستويات أسعاره خلال شهر فبراير 2017، حيث بلغ 1.37 درهم، أي أن أسعار الديزل ارتفعت خلال فترة التطبيق بين أعلى وأدنى سعر نحو 98% بينما بلغت النسبة بين أعلى وأدنى سعر للجازولين خصوصي 84.5%.

تحرير
والملاحظ أن أسعار الجازولين والديزل في الإمارات كانت مرتفعة مع بدء تطبيق سياسة تحرير الأسعار، حيث بلغ سعر الجازولين سوبر 2.25 درهم والجازولين، خصوصي 2.14 درهم والجازولين آي بلس 2.07 درهم والديزل 2.05 درهم، وبلغ عدد شهور الانخفاض 15 شهراً، منها 4 أشهر في عام 2015 و5 أشهر في عام 2016 و5 أشهر في عام 2017 وشهر في عام 2018، بينما بلغ عدد شهور الارتفاع 23 شهراً، وبلغ أعلى ارتفاع للتر الجازولين 16 فلساً خلال مايو 2016، بينما جاء أكبر انخفاض 11 فلساً خلال فبراير 2016، وجاء أعلى ارتفاع للتر الديزل 17 فلساً في شهر يونيو 2016، بينما جاء أكبر انخفاض 24 فلساً في فبراير 2016.

مبادرات
وأكد المهندس محمد أحمد بن عبد العزيز الشحي، وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية في وزارة الاقتصاد الدور الرقابي للوزارة على الأسواق، موضحاً أن الوزارة تعهدت منذ تطبيق سياسة تحرير أسعار الوقود بأن هذا التحرير لن يؤثر سلبياً على أسعار السلع وهذا ماحدث منذ عام 2015 حتى اليوم كما أن فترات التطبيق شهدت مبادرات قوية وكبيرة للوزارة لخفض أسعار السلع أو تثبيت المئات منها أو حث المنافذ على طرح عروض ترويجية كبرى خاصة في الأعياد والمناسبات الوطنية والدينية والخليجية مثل اليوم الخليجي للمستهلك وبلغ عدد السلع التي طالها التخفيض أكثر من 7500 سلعة، كما أن الوزارة فعلت قانون حماية المستهلك ولائحته التنفيذية وحررت شكاوى للمخالفين مما حد كثيراً من ارتفاع الأسعار.

تنسيق
وجدد الشحي التأكيد على أن الوزارة نجحت في التنسيق مع الدوائر الاقتصادية والجهات الرقابية المحلية لتفعيل الدور الرقابي على الأسواق كما تواصلت مع المستهلكين وأطلقت مبادرات مثل مبادرة المستهلك المراقب أو المستهلك الذكي وأقامت خطوط اتصال قوية معهم سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو الخط التليفوني الساخن وغيرها كما كلفت مفتشيها بالقيام بآلاف الجولات التفتيشية على منافذ البيع الكبرى والمتوسطة والصغرى لضبط الأسواق ودفعها نحو المزيد من الاستقرار في أسعار السلع حتى لايشعر أي مستهلك بارتفاع حقيقي في أسعار السلع وهو ماحدث فعلاً.

ورأى إبراهيم عبد الله البحر، الخبير بقطاع تجارة التجزئة، أن أسعار السلع في الإمارات لم تشهد منذ أغسطس 2015 زيادات تذكر، بل العكس هناك سلع كثيرة تباع بأسعار أقل من عام 2015 ولو تتبعنا العروض الترويجية لمنافذ البيع الكبرى خاصة خلال المناسبات مثل شهر رمضان والأعياد، سيتأكد لنا أن الأسعار الحالية أقل من أسعار 2015 والأمثلة كثيرة سواء للأرز أو الطحين أو الزيت والسمن.

عوامل عديدة
وأوضح أن هناك عوامل عديدة وراء ذلك أبرزها أن عقود استيراد السلع لكبار المزودين هي عقود سنوية ولاتتضمن بنودها بند أسعار الديزل خاصة وأن أسعار الوقود عندنا لاتشهد قفزات كبيرة، فضلا عن أن الإمارات شهدت خلال السنوات الأربع الماضية توسعاً كبيراً في أعداد المراكز التجارية الكبرى (المولات) في كل الإمارات، وغالبية هذه المراكز لديها مستودعات ضخمة تقع بالقرب من مقرات المراكز نفسها، وقد أدى هذا القرب إلى خفض تكلفة النقل كثيراً.

منافذ البيع
من جهته، رأى أبو بكر روتي، المدير الإقليمي لمجموعة «اللولو» العالمية في أبوظبي، عاملاً آخر وراء استقرار أسعار السلع، مشيراً إلى أن كثرة منافذ البيع خاصة الكبرى في الإمارات أدى إلى وجود منافسة قوية جدا بينها لجذب المستهلكين، ولذلك تنافست غالبية المنافذ في طرح عروض ترويجية كبيرة للمستهلكين خاصة مع توفر معروض كبير جداً من السلع لأن غالبية المنافذ عقدت عقوداً سنوية بكميات كبيرة لتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين، وقد عملت المنافذ الكبرى مثل منافذ مجموعة اللولو على تثبيت أسعار مئات السلع بل وبيعها بسعر التكلفة للجمهور، وكل هذا أدى إلى استقرار الأسعار بشكل كبير، فضلاً عن أن غالبية المستهلكين كانوا ينتهزون مناسبات الأعياد ورمضان وعروض اليوم الواحد لشراء كميات كبيرة من السلع.

قوة الدولار
قال رضا مسلم، الخبير المالي الشريك في شركة «تروث للاستشارات الاقتصادية» في أبوظبي، إن هناك عاملاً آخر لعب دوراً مهماً في استقرار الأسعار وهو يتمثل في قوة الدرهم، مقارنة بعملات الدول التي يستورد منها كبار التجار السلع.

وأضاف إن السنوات الثلاث الماضية شهدت قوة للدرهم بسبب ارتباطه بالدولار الذي تفوق على غالبية عملات العالم، وبالتالي فإن التجار خاصة الهنود أو المصريين أو غيرهم الذين كانوا يستوردون من بلدانهم سلعا للإمارات استوردوا كميات أكبر بأسعار أقل مقارنة بالماضي.