واشنطن ـ أ.ف.ب
يواجه الرئيس الاميركي باراك اوباما خلافا تجاريا جديدا مع الصين يمكن ان يشعل سباق الرئاسة على البيت الابيض ويعقد زيارته الوداعية للصين التي ستجري في ايلول/سبتمبر.
وتضغط بكين على الادارة الاميركية لتعامل الصين على انها "اقتصاد سوق" في خطوة يمكن ان تؤدي الى خفض التعرفات على صادرات صينية مثيرة للجدل مثل الفولاذ.
واشعلت هذه المسالة حملة انتخابات الرئاسة 2016 الاثنين عندما تحدت المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون البيت الابيض لرفض مطلب الصين.
وقالت لعمال الفولاذ في كنتاكي "لقد اوضحت هذا الامر، ساقول مرة اخرى وامل ان تكتب الصحافة ذلك حتى يراها المسؤولون في الادارة، انا مصممة على أن افعل كل ما بوسعي لكي لا تصبح الصين اقتصاد سوق".
وقالت ان الصينيين "لا يلتزمون بالقواعد ولا يتبعونها"، مرددة الاتهامات بان الصين تضر بسوق الوظائف الاميركية من خلال اغراق السوق ببضائع بسعر اقل من الكلفة.
وتنفي الحكومة الصينية ذلك، وتطعن في طريقة احتساب التعرفات لاقتصادات غير السوق المشتبه بانها تغرق الاسواق بالسلع.
وتقول الصين ان اتفاقها في 2001 للانضمام الى منظمة التجارة العالمية يقضي بان على الولايات المتحدة ان تغير سياستها ابتداء من 11 كانون الاول/ديسمبر.
وصرح زهو هايكوان المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن لوكالة فرانس برس "نتطلع الى ان يفي جميع اعضاء منظمة التجارة العالمية بالتزاماتهم بموجب المعاهدة في الوقت المحدد، والا يؤخروا تطبيقها".
-- زيارة غير مريحة -
لا يتفق العديد من الشركاء التجاريين على ان الصين هي اقتصاد سوق بشكل كامل، الا ان عددا اكبر من هؤلاء الشركاء لا يريدون افتعال خلاف مع الدولة صاحبة ثاني اكبر اقتصاد في العالم.
ولذلك فقد منحت دول اصغر مثل نيوزيلاند وسنغافورة الصين وضع "اقتصاد السوق" قبل الموعد المحدد في كانون الاول/ديسمبر.
الا ان ادارة اوباما تؤكد على ان قرارها سيكون شبه قضائي حيث انه سيعتمد على المعايير الراسخة لوزارة التجارة.
وذكر مسؤول تجاري طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس "لا شيء في بروتوكول ضم الصين يتطلب من الاعضاء في منظمة التجارة العالمية منح الصين تلقائيا وضع اقتصاد السوق في وقت لاحق من هذا العام".
وقال المسؤول انه بدلا من ذلك فان على الصين "طلب مراجعة وضعها" في سياق خلاف محدد.
ومن غير المرجح ان تقبل بكين بهذا الموقف.
قال غاري كلايد هوفبور من معهد بيرتسون للاقتصاد العالمي "اذا حدث ذلك، اتوقع ان ترفع الصين القضية الى منظمة التجارة العالمية بحجة حرمانها من الامر الذي ساومت عليه".
واضاف "في الصين هذه قضية كبيرة لان لها تبعات كثيرة".
ويهدد ذلك بان تصبح الزيارة التي سيقوم بها اوباما في ايلول/سبتمبر المقبل الى هانغزهو لحضور اجتماع مجموعة العشرين، والمرجح ان تكون زيارته الاخيرة الى الصين واخر اجتماعاته مع الرئيس شي جينبينغ -- غير مريحة.
وحتى لو تمكن اوباما من تجنب خلاف علني، فانه يواجه احتمال ان يكون مسؤولا عن الخلاف التجاري مع الصين خلال اشهره الاخيرة في الرئاسة.
وقال هوفبور ان الصينيين "لهم نمط معين في الانتقام، ولذلك فانهم سيتوصلون الى حلول تمكنهم من نقل شحناتهم من مصادر اميركية الى مصادر ودية اكثر"، متوقعا عقوبات صينية.
الا ان اية اجراءات انتقامية لن تسبب الا ضررا خفيفا في تجارة تصل قيمتها الى تريليونات الدولارات، ومع ذلك فقد تسبب ازعاجا.
ومن شان ذلك ان تكون سخرية مريرة بالنسبة لاوباما حيث ستقوض جهوده الطويلة لتحسين العلاقات مع الصين و"ابعاد" محور السياسة الخارجية الاميركية عن الشرق الاوسط وتوجيهها الى اسيا.
كما ان الامر بالنسبة لاوباما اصبح اكثر صعوبة مع الحملة لانتخابات 2016 الرئاسية التي تحولت الى مهرجان من الخطاب الحمائي من اليسار واليمين.
ووضعت معارضة كلينتون لاتفاق الشراكة التجارية مع اسيا موضع الشك انجاز اوباما المهم الذي يهدف الى خلق توزن لقوة الصين الاقتصادية الاقليمية.
كما ان مرشحين اخرين ومن بينهم الجمهوري دونالد ترامب اشاروا مرارا الى العجز في الميزان التجاري بين الصين والولايات المتحدة والبالغ 368 مليار دولار على انه دليل على تعرض الولايات المتحدة للخداع.
ورفض ترامب مبدأ حزبه للتجارة الحرة واعلن بشكل استفزازي "لا يمكننا ان نسمح للصين بان تستمر في اغتصاب بلادنا".
تقول شخصيات مثل ايرين اينيس نائب الرئيس الاول لمجلس الاعمال الصيني الاميركي ان على واشنطن ان تفي بالتزاماتها تجاه الصين والتي تنصل عليها منظمة التجارة العالمية، الا انه اكد انه لا يزال من الممكن التوصل الى اجراءات مشتركة لمكافحة اغراق السوق. الا انه من المرجح ان يواصل ترامب وكلينتون الضغوط لاتخاذ موقف صارم مع معركتهما للحصول على اصوات الناخبين في مناطق اميركا الاكثر تضررا اقتصاديا.