تونس ـ كمال السليمي
يبدأ حزب "النداء"، متزعم الائتلاف الحاكم في تونس، تحركات سياسية تهدف إلى التخلص من الأحزاب الصغيرة الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد، والتركيز على أقطاب المشهد السياسي بهدف تشكيل حكومة "ترويكا" جديدة تتشكل من حزب النداء وحركة النهضة وحزب الاتحاد الوطني الحر، الذي يتزعمه رجل الأعمال سليم الرياحي، وتزعم المشهد السياسي حتى حلول موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سنة 2019.
وأكّدت مصادر مقربة من حزب النداء، الذي فاز في انتخابات 2014، أنّه يسعى إلى إعادة تشكيل التحالفات السياسية وفسح المجال أمام عودة حزب الاتحاد الوطني الحر لالتحاقه بمجموعة الأحزاب الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية قبل فترة قصيرة من تمرير ميزانية الدولة لعام 2018 إلى البرلمان للمصادقة عليها.
والتقى سليم الرياحي خلال الأسابيع الأخيرة، الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، علاوة على حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لحزب النداء، استعدادًا للعودة إلى الحكومة ودعم وثيقة قرطاج. وفي هذا الصدد، قال برهان بسيس، القيادي في حزب النداء، إن عودة حزب الاتحاد الوطني الحر إلى الحكومة بعد انسحابه من وثيقة قرطاج يعد ضمانًا إضافيًا للاستقرار السياسي، وبما يساهم في صياغة مواقف متقاربة بشأن عدد كبير من الملفات المهمة، على حد تعبيره.
وأبدت قيادات حزب النداء عدم رضاها عن أحزاب الجمهوري والمسار الديمقراطي الاجتماعي وحزب آفاق تونس. وحاول حزب آفاق تونس، الذي يتزعمه ياسين إبراهيم، الانقلاب على الائتلاف الحاكم، من خلال تشكيل تحالف برلماني بعيدا عن حزبي النداء والنهضة وبالتنسيق مع حركة مشروع تونس، التي يتزعمها محسن مرزوق المستقيل من الأمانة العامة لحزب النداء.
ويرى مراقبون أن تونس قد تضع حدًا لتجربة حكومة الوحدة الوطنية، التي تشكلت في شهر أغسطس (آب) 2016 والمنبثقة عن "وثيقة قرطاج"، بسبب ضعف الحزام السياسي الداعم لها، وتعاقب المشاكل مع الأحزاب الصغيرة التي أبدت دعمها لتلك الحكومة في البداية، لكنها سرعان ما عبرت عن اختلاف مواقفها معها حول عدد من الملفات الساخنة، وأبرزها قانون المصالحة مع رموز النظام السابق، وأولويات الحكومة خلال السنوات المقبلة، والتزامها مع هياكل التمويل الدولية بمجموعة من الإصلاحات الهيكلية.
وفي حال تشكيل "ترويكا" حاكمة من جديد، فستكون تلك هي المرة الثانية التي تعتمد طريقة الحكم الثلاثي، وذلك بعد تجربة الترويكا التي قادتها حركة النهضة من 2011 إلى 2013 بمعية حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والتي انتهت بخروجها من الحكم تحت ضغط أحزاب المعارضة.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية قد تشكلت في البداية من تسعة أحزاب سياسية، هي حركة النهضة، وحزب النداء وحركة مشروع تونس، وحزب الاتحاد الوطني الحر، وحزب آفاق تونس، وحركة الشعب، وحزب المبادرة الوطنية الدستورية، والحزب الجمهوري وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، علاوة على ثلاث منظمات نقابية هي الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) والاتحاد التونسي للتجارة والصناعة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال)، بالإضافة إلى الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري(نقابة الفلاحين).
وكان الحزب الجمهوري، الذي يترأسه عصام الشابي، قد أعلن بداية الأسبوع الجاري انسحابه من الحكومة تحت ضغط حزب النداء الذي انتقده بشدة على خلفية معارضته قانون المصالحة مع رموز النظام السابق، وفي هذا الشأن، قال حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لحزب "النداء"، إنّ الحزب الجمهوري يضع ساقًا في الحكومة (ممثل بوزير واحد) وساقًا في المعارضة (معارضته لعدد من قرارات الحكومة).