تونس ـ كمال السليمي
دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الى إيجاد صيغ قانونية تسمح بالمساواة بين المرأة والرجل في الإرث في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في تونس، فيما عبّرت دار الإفتاء التونسية عن دعمها هذه الدعوة التي يُتوقع أن تواجه رفضاً من جانب الإسلاميين والمحافظين. وأطلق السبسي نقاشاً، في كلمة له لمناسبة اليوم الوطني للمرأة التونسية أول من أمس الاحد، حول موضوع المساواة في الإرث بين الرجال والنساء وزواج المرأة التونسية بغير مسلم، معتبراً أن تونس اليوم تتجه نحو المساواة في كل الميادين الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وأعلن الرئيس تشكيل لجنة للنظر في مسألة الحريات الفردية، مهمتها اقتراح تعديلات على الفصول القانونية الحالية، وقال: لا بد من الاتجاه نحو المساواة في كل الميادين بما في ذلك المساواة في الإرث مع ضرورة عدم إجراء إصلاحات قد تصدم الشعب. وصرح الرئيس التونسي بأنه يمكن المضي في المساواة في الإرث بين المرأة والرجل، وهذا رأيي، لذلك كلّفت لجنة تضم رجالَ ونساءَ قانونٍ لدراسة هذه المسألة، معبراً عن ثقته في ذكاء رجال القانون وسنجد صيغاً قانونية لتجنب الاصطدام بمشاعر التونسيين.
وأثارت هذه التصريحات جدلاً واسعاً لدى الرأي العام، حيث عبرت جمعيات نسوية وشخصيات يسارية عن ترحيبها بهذه المقترحات مقابل ردود أفعال (غير رسمية) رافضة للمساواة في الإرث، بينما رفضت حركة "النهضة" الإسلامية التعليق على اقتراحات الرئيس. وأوضح السبسي: لدينا دستور لدولة مدنية، لكن المعروف أن شعبنا مسلم ولن نسير في إصلاحات تصدم مشاعره، معتبراً أن الإسلام كرّم المرأة وأعطاها حقوقها وأن التوجه نحو المساواة التامة في كل الميادين لا يتعارض مع قيم الإسلام.
في سياق متصل، طالب الرئيس التونسي أعضاء الحكومة بإلغاء منشور (صادر في العام 1973) يمنع المرأة التونسية من الزواج بغير مسلم، حيث يُفترض على غير المسلم أن يعلن إسلامه أمام مفتي الجمهورية حتى يُسمح له بالزواج من تونسية. واعتبر السبسي أن هذا المنشور أصبح يشكل عائقاً أمام حرية اختيار القرين وتسوية وضعيات النساء المرتبطات بالأجانب لاسيما الفصل السادس من الدستور الذي يقرّ بحرية المعتقد والضمير، مشدداً على أن هذا القانون لا يتماشى مع المتغيرات التي يشهدها المجتمع وسفر المرأة سواء للعمل أو الإقامة.
وعبرت دار الإفتاء التونسية عن مساندتها دعوة السبسي إلى العمل على إقرار المساواة في الإرث، حيث اعتبرت أن الاقتراحات المعلَن عنها تدعيماً لمكانة المرأة وتفعيلاً لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات التي نادى بها ديننا الحنيف. وأضاف بيان صادر عن مفتي الجمهورية السيد عثمان البطيخ أمس الاثنين، أن هذه الدعوة تتماشى مع المواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية والتي تعمل على إزالة الفوارق في الحقوق بين الجنسين.