تنظيم "داعش"

على خلاف المرات السابقة التي كان فيها يهدد تنظيم داعش ومن قبله «القاعدة» بتفجير الانتخابات العراقية وينفذ تهديداته فإن التهديد الذي أطلقه أمس «أبو الحسن المهاجر»، المتحدث باسم «داعش» لم يلق آذانا صاغية سواء من قبل الجهات الرسمية أو الكتل المشاركة في السباق الانتخابي.

وكان «داعش» وقبله «القاعدة» درجا على تحذير العراقيين من المشاركة في الانتخابات سواء بتنفيذ عمليات اغتيال لعدد من المرشحين أو القيام بسلسلة عمليات انتحارية طالت حتى مراكز اقتراع.

وقال «أبو الحسن المهاجر» في بيان صوتي إن «كل من يشارك في الانتخابات من مرشحين وناخبين وداعمين هم كفار وحكمهم هو الموت». وبرغم أن تنظيم داعش لم يعد له وجود معلن على الأرض العراقية إلا أنه لا يزال ينشط في مناطق صحراوية ممتدة على طول الحدود العراقية - السورية - الأردنية أو حواضن في مناطق متاخمة لمحافظتي كركوك وصلاح الدين. وكانت آخر العمليات التي قام بتنفيذها والتي سببت قلقا للسلطات العراقية هي ما عرف بـ«السيطرات الوهمية» التي قام بنشرها على طريق كركوك - بغداد وأدت إلى مقتل عشرات المواطنين قبل أن ترسل بغداد قوة كافية لمسك الطريق.

من جانبها، اعتبرت قيادة العمليات المشتركة التهديدات التي أطلقها المتحدث باسم تنظيم داعش «محاولة مهزوم لشحذ عناصره». وقال المتحدث باسم القيادة العميد يحيى رسول في بيان إن «هذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها انتخابات في العراق، وهناك الآن خطط ترسم لتأمين مراكز الاقتراع، ولدينا عمليات استباقية تقوم بها قطعاتنا وعمليات تفتيش ودهم وإلقاء قبض، وتدمير ما تبقى من خلايا داعش». وأضاف رسول: «نحن نتعامل مع عدو إرهابي ونطمئن الشعب العراقي إلى أن القوات العراقية تقوم بجهد كبير، وستؤمن مراكز الاقتراع بشكل تام»، مؤكدا أن بيان التنظيم الإجرامي «محاولة مهزوم لشحذ عناصره، وهو بيان ضعيف، ورغم ذلك نحن نتعامل مع كل التهديدات مثل هذه على محمل الجد». كما أشار إلى أن «الشعب العراقي يعيش بخير وسلام، وسنستمر بالمتابعة والملاحقة، وستكون عملية الاقتراع ناجحة، وعلى المواطن أن يتأكد من ذلك، وأن يختار من يريد بلا خوف من تهديدات (داعش)».

إلى ذلك، أكد الخبير الاستراتيجي المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا هو الخطاب الثالث للمتحدث باسم التنظيم أبو الحسن المهاجر الذي اختير بديلا للمتحدث السابق العدناني الذي اغتيل خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2016». وعما إذا كان التنظيم بعد كل الخسائر التي مني بها في العراق خلال السنوات الأخيرة قادرا على أن يشكل تهديدا جديا للانتخابات العراقية، قال الهاشمي إن «كل ما يمكن أن يقوم به ربما عمليات انتحارية هنا أو هناك فضلا عن عمليات اغتيال وبالفعل تم تنفيذ أكثر من محاولة اغتيال لمرشحين سواء في بغداد في جانبي الكرخ والرصافة أو في كوكوك وقد أعلن (داعش) مسؤوليته عنها».

وبشأن أهم الأماكن التي يتواجد فيها «داعش» اليوم في العراق يقول الهاشمي إنه «يتواجد في مثلثات الموت وهي المناطق المفتوحة والمقاتل الشبح في المناطق الزراعية وتنظيم الظل في المناطق الحضرية».

في السياق نفسه يرى محمد جميل المياحي، الناطق الرسمي باسم تيار الحكمة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم داعش لم يستطع حتى عندما كان يقوم بعمليات انتحارية في مناطق مختلفة من البلاد فضلا عن السيارات المفخخة إيقاف عجلة الحياة وبالتالي فإن تهديداته الحالية لن تخرج عن محاولة القول إنهم موجودون لا أكثر»، مبينا أن «التنظيم يريد إثارة الرأي العام وهو ادعاء فارغ لم يعد له تأثير ولن يأخذه أحد بجدية».

من جانبه أكد الدكتور قحطان الجبوري المتحدث الرسمي باسم تحالف «سائرون» أن «تنظيم داعش لن يتمكن مهما حاول أن يوقف مسار الحياة في العراق بعد أن قطعت شوطا جيدا في مجال العمل الديمقراطي حيث إننا اليوم نخوض غمار التجربة الانتحابية الرابعة منذ عام 2003 وإلى اليوم». وأضاف الجبوري: «في كل الدورات الماضية كان الإرهاب موجودا بل وأكثر فاعلية حتى وصل الأمر عام 2014 أن احتل أكثر من ثلاث محافظات ومع ذلك أجرينا انتخابات وشكلنا حكومة والآن تنتهي الدورة البرلمانية والحكومية و«داعش» يهدد وسوف يستمر في التهديد لأن ما يقوم به العراقيون مناقض لقناعاته وفكره الظلامي».