معبد أوتينا

 حين يترك للموسيقى أن تحاور ذاكرة المكان، تتحول مشهدية الآثار الواقفة بشموخ على مرتفعات اوتينا (أوذنة) إلى لوحة نابضة بالحياة، في لحظة خارجة عن منطق التاريخ ومواضعات اللحظة تعيد الموسيقى المنبعثة مساء الأحد من جنبات المسرح الروماني وسرايا معبد الكابيتول الحياة لمدينة مازالت تعاني نقصا كبيرا في إمكانيات التهيئة رغم كونها من أكبر المواقع الاثرية بالبلاد التونسية.

"أوذنة قاطرة للإبداع والاستثمار" عنوان التظاهرة التي أراد من خلالها منظموها أن تكون هذه السنة مراوحة بين الأنشطة الفنية الثقافية والأنشطة الرياضية الشبابية الى جانب الترويج لأوذنة كمعلم سياحي وثقافي جاذب للزوار، وذلك وفق ما صرح به لمندوب "وات" مدير التظاهرة المولدي القماطي.

وأشار المولدي القماطي إلى أن التركيز في هذه الدورة كان على الإمكانات الاستثمارية التي يتيحها الموقع والذي يمكن أن يحوله الى مركز إشعاع ثقافي ووجهة سياحية بامتياز في الضاحية الجنوبية للعاصمة.

العروض الموسيقية للتظاهرة جمعت بين الموسيقى السنفونية حيث أثث فضاء المسرح المدرج، الأوركستر السمفوني التونسي بقيادة المايسترو حافظ مقني في توليفة موسيقية جمعت بين أشهر المعزوفات من التراث الكلاسيكي العالمي بنمطيه الغربي والشرقي بعد أن ملأت المكان قبل ذلك وفي مصافحة أولى موسيقى السطمبالي موسيقى زنوج افريقيا في عرض فرجوي بعنوان "لسمر تونسي" لكل من الشاذلي البيدالي ومنير العرقي.

اما في الكابيتول المعبد الرئيسي للمدينة الرومانية والذي يعد من أكبر المعابد الرومانية في شمال إفريقيا فقد صدحت فيه حناجر ثلة من المنشدات والعازفات في عرض لفرقة فنون للابية لجودة ناجح. 

ورغم أهمية العرض إلا أن عديد المتابعين استغربوا برمجته في فضاء الكابيتول الذي يبعد عن المسرح المدرج مسافة غير هينة زادتها صعوبة وعورة المسلك وعدم تهيئته للمترجلين هذا الى جانب ضيق فضاء العرض الذي يبدو أن المنظمين أرادوه خاصا بالدعوات، وهو ما أثار حفيظة الكثيرين الذين رأوا فيه نوعا من التفرقة اللامبررة، قبل أن يتم تدارك ذلك بفتحه أمام الجميع، وهو أمر عالج المسألة ولكن خلق في المقابل حالة اكتظاظ وفوضى.
وقد سبقت العروض الموسيقية والفرجوية، في الفترة الصباحية نصف ماراطون انطلق من دار الشباب سيدي سعد في اتجاه الموقع الاثري الذي شهد بالتزامن مع ذلك عروضا تنشيطية متنوعة موجهة للأطفال ولمختلف الشرائح عبر عروض فلكلورية شعبية منوعة.

كما احتضن الفضاء المفتوح قبالة المسرح معرضا للصور الفوتوغرافية للمواقع الاثرية بولاية بن عروس ومعرضا للحرف والآلات التقليدية ومعرضا للأكلة الرومانية الى جانب ورشات في فن الفسيفساء وفي تقنيات الحفريات الاثرية.

وقد سبقت التظاهرة بدار الثقافة ابي القاسم الشابي ببن عروس ندوة علمية عرض فيها نزار بن سليمان مدير الموقع لتاريخية المعالم الرئيسية الموجودة على غرار الكابيتول والمسرح المدرج والحمامات العمومية الكبرى وعينة من المنازل والخزانات والحنايا الى جانب مداخلة لمندوبة السياحة بالجهة ليلى تقية حول افاق الاستثمار بالموقع ركزت فيها على عناصر الهوية والابتكار والاندماج.

يذكر أنه رغم القيمة التاريخية وأهمية المعالم الموجودة بالموقع إلا أنه ما يزال يعاني من إشكاليات تتعلق بالتهيئة والربط بشبكة الماء والكهرباء. 

وبحسب الدراسات المنجزة فإن تكلفة تجهيز الموقع وربطه بالشبكة الحالية للماء والكهرباء تقدر بحوالي 800 ألف دينار تضاف إليها بعض المستلزمات والمرافق التي تتطلبها مثل هذه المواقع، كتهيئة أماكن لوقوف السيارات والحافلات وإنشاء دورات للمياه وفضاءات إقامة ومتحف.

وبحسب مدير الموقع فقد تم رصد اعتمادات مالية هامة لتهيئة الموقع موزعة على ميزانيتي سنتي 2016 و2017 .