بقلم/ أسعد عبدالله عبدعلي
الفساد في العراق غول كبير، تم تغذيته عبر نظام حكم هش، وطبقة متحكمة فاسدة، وسلطة محتلة أرادت للغول أن يكبر.
الفساد الذي امتد إلى كل مرافق الحياة في العراق، تسبب في تعطيل أي جهد أصلاح, وجعل كل الأموال تتبخر ولا تذهب في الاتجاه الصحيح، وحول الفساد كل الممارسات الديمقراطية إلى أكذوبة فجة، تعطلت الحياة ودخل البلد في نفق مظلم لا مخرج منه، كل هذا والساسة عاطلون عن فهم ما يجري وكيفية أصلاح الأمر، مما جعل الأمور تصبح خارج نطاق السيطرة.
نثبت أولاً قاعدة توضح من أين ينطلق الفساد, حيث أخطا الساسة كعهدنا بهم دائمًا في عدم قدرتهم على تحديد مكامن المشاكل، حيث اهتم الساسة برأس الهرم في كل وزارة، عبر تغيير الوزراء في حربهم الإصلاحية، متجاهلين أصل المشكلة، لكن نحدد أن علة الفساد هي طبقة المدراء العامين.
هنا نؤشر أن الفساد ينطلق من ثلاث محاور مهمة في مؤسسات الدولة، بحسب فكرة متكاملة عن الفساد:-
المحور الأول للفساد: أحزاب السلطة
عمدت أحزاب السلطة على تقاسم مفاصل الدولة فيما بينها, تحت عرف ما يسمى المحاصصة، أي تحولت المناصب كحصص توزع بينها حسب الاستحقاق الانتخابي، مما أدخل مئات المدراء العامين ممن لا يملكون خبرة، ولا يملكون مؤهل علمي، ولا فهم للمنصب، بل بعضهم مجرد لص، فتحول المنصب إلى مغنم، وبعد أن يستلم المنصب يجب أن يكون مطيعا للحزب الذي أوصله، خصوصًا أن الأحزاب تضم طبقة من التجار والمقاولين الذين يهمهم طاعة المدراء لهم، لتتعاظم الإرباح على حساب المسؤولية والوطن، فضاعت معه الموال الدولة هدرًا.
من يريد الإصلاح الحقيقي لا يكون بتغيير وزير، بل بإقصاء كل المدراء الذين صعدوا عبر الأحزاب تحت مظلة المحاصصة، وإعادة نظام التسلسل الوظيفي، مع تشديد الرقابة على طبقة المدراء.
المحور الثاني للفساد: فلول البعث
حزب البعث كان هو المسيطر تمامًا على كل مفاصل الدولة، في أيام حكمه للبلد، وبعد التغيير، أول الأمر كان هنالك اتجاه كبير لإقصاء البعثيين من مؤسسات الدولة، لكن حصلت استثناءات لآلاف البعثيين، مما جعل قضية اجتثاث فارغة المحتوى، من جهة أخرى كانت تعليمات نظام صدام لجميع أعضاء حزبه والموالين له، بأنه إن سقط نظامه فعليهم الانخراط بالأحزاب، ثم الوصول للمناصب، وبعدها الشروع بالفساد والإفساد، حسب وثائق وجدت في مقرات حزب البعث، وتم نشرها لتبيان حقيقة الحزب الفاشي، لكن مع الأسف لم تتعظ أحزاب السلطة الحالية، وفتحت هذه الأحزاب أبوابها لمن هب ودب، ليخترقها حزب البعث، وينخرط المئات بأقنعة جديدة، وهكذا تم منهج نشر الفساد.
هنا نوضح خطوة غابت عن فكر أحزاب السلطة, أو يمكن أنهم تناسوها عن عمد! كي تدوم مصالح البعض، وهي : "انه من يريد الإصلاح الحقيقي ومحاربة الفساد، عليه فورًا إقصاء كل المدراء العامين، ممن كان لهم ارتباط سابق بحزب البعث، خصوصًا المفاصل المهمة، بل وإقصاء كل المقربين منهم، لأنهم يتقنون أقامة الشبكات الفاسدة.
المحور الثالث للفساد: طبقة المتملقين
من أسوء طبقات الفساد هي طبقة المتملقين المنافقين، الذين يفعلون أي شيء مقابل مصالحهم، ولا توجد عندهم قيم أخلاقية يلتزمون بها، هؤلاء ارتبط وجودهم مع الطبقتين الأولى والثانية، وتم ترشيحهم عبرها، ليصلوا لمواقع حساسة وينفذوا نفس سلوك الطبقتين السابقتين، فالفساد هو ما يقومون به، لأنه يغذي مصالحهم الخاصة.
كانت كل أفعالهم تتمحور في تخريب دور مؤسسات الدولة، وجعلها مجرد دكان خاص لهم, وهكذا تعطل الدور الأهم لمؤسسات الدولة، ونمت مع هؤلاء طبقة قذرة من الموظفين الوصوليين الفاسدين، اليوم هؤلاء هم سبب فساد مؤسسات الدولة، وعملية تغيير الوزراء ليست ذات نفع، مع استمرار تواجد جيش من المتملقين والمنافقين.
للخلاص من هذه الفئة البغيضة، يمكن عبر عملية إقصاء البعثيين، ومدراء المدعومين من الأحزاب، وكل من يرتبط بهم، وإقصاء المتملقين هم من يرتبط بهم، ونؤشر هنا أن القضية تحتاج لجهاز معلوماتي وامني رصين، حتى يتم الأمر على أكمل وجه، من دون أي ظلم.
الثمرة:
أن محاربة هذه المحاور الثلاث للفساد، وبخطة محكمة، مع إرادة حديديةـ فقط عندها من الممكن أن نحلم بواقع مثمر، وأن نتأمل خيرًا للغد.
أرسل تعليقك