آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

جمهورية العراق الروائية

اليمن اليوم-

جمهورية العراق الروائية

وارد بدر السالم
وارد بدر السالم

العصر الأدبي العالمي اليوم هو عصر الرواية بلا منازع، وقد تعددت المصادر المعرفية لروايات القرن الحادي والعشرين حينما خرجت عن أطرها التقليدية فامتزجت فيها العلوم والمعارف والفنون وتقانات الحداثة بكل ما فيها من مفاهيمي جديدة ذات صلة بالنوع الإبداعي والخلق الراقي، ولم يعد هناك حاجز فني يعيق الكتابة الروائية، ولا شرط قديم يقنن النوع الأدبي في استرسالاته الجديدة ومفاهيميته المستحدثة من روح العصر بعمليته الفذة وثقافته المتجددة.

بل ابتكرت رؤى فنية جديدة في سرديات الكتابة ساهمت على نحو واسع في إثراء المشهد الروائي العالمي، وتحوّله من قوالب ومحطات معروفة إلى انفتاحات جمالية أكثر تعبيرا والتصاقا بواقع عالمي شامل، يخوض الحياة بطرق مختلفة ومتعددة في جيوب الاقتصاد والسياسة والديمقراطيات العسكرية والحروب والمتغيرات المعروفة في بُنى المجتمعات وهيكليتها الجماعية في عصر إلكتروني وعلمي سريع التطور.

هذا الانفتاح الواسع على فرشة الكتابة في سرديات الرواية الجديدة خلق معه جيلا أقل ما يقال عنه إنه جيل استسهل مثل هذا التحول، فأصابته عدوى الكتابة جريا وراء الموضة الكتابية التي تبشّر بعصر روائي عريض انتاب الثقافة العالمية، بوصف تبسيطي يرى أن الرواية هي ملحمة العصر وهي الأكثر قدرة على تمثل مثل تلك المتغيرات الحاسمة في بنية العالم.

ومن هذه الزاوية التي نحصرها في السرد الروائي نشأ جيل في العالم العربي من كتبة الرواية، لا يمكن أن نحيط باتساعه وتمدده، وظاهر الأمر هو حالة ثقافية صحية تشير إلى الكثير من إيجابيات الخروج من الهامش إلى المتن، لكن الحاصل هو غير هذا بلا شك، ففي العراق مثلا صدر خلال 13 سنة ما يقارب الـ600 رواية أو يزيد على ذلك، وهو رقم خيالي لا يمكن تصديقه في الحال، لكننا نصدقه ببساطة لأن الانفتاح الثقافي الجديد أعطى مؤشرات كثيرة للخروج إلى المتن الثقافي بغياب سلطة نقدية وتقاليد ثقافية في فوضى الكتابة المجانية التي لم تكرّس أهميتها حتى اليوم، لكنه نزوع شخصاني وراء الموضة الروائية وحُمّاها التي اجتاحت العالم. وهو نزوع ربما له ما يبرره في بعض الأحيان ولكن ليس التبرير دائما هو نقطة الخلق الإبداعي.

الأمر نفسه ينسحب عربيا بشكل عام، ففي جائزة عربية معروفة وصل عدد الروايات المشاركة ،المطبوعة والمخطوطة- ما يقارب الـ1000 رواية وهذا رقم رسمي لا يمكن التشكيك فيه، لكن يمكن التشكيك في المنجز الإبداعي لعموم المشاركات، فهذا العدد الكبير يعني أن الأمة العربية أنتجت 1000 روائي في سنة واحدة، ويعني أن الحياة الثقافية بخير مع أن الرواية العربية في كل تاريخها الإبداعي لم تنتج مثل هذا العدد على مدى أجيال متعاقبة.

لن أتوسع في الأمثلة المتراكمة عربيا وأحصرها نسبيا في جمهورية العراق الروائية، التي سال لعاب كتّابها روائيا، فانشغلت مطابع بيروت وبغداد ودمشق والقاهرة بالطبع اليومي لروايات عراقية بـ"الريزو" والاستنساخ والطبع المتقدم أيضا، لأسماء أغلبها لم نسمع به، لكنها موضة الرواية التي سحبت إليها الشعراء والهواة لتشكيل جمهورية عراقية روائية، قد نباهي بها لاحقا أقراننا من الدول العربية الذين يشهدون مثلنا زخما سرديا لا قرار له.

قبل أيام قليلة قدّم أحد الروائيين الجدد روايته الجديدة وكنت أستمع إليه وهو يقول "كتبتُ هذه الرواية وأنا لم أقرأ رواية واحدة في حياتي!".

وعلى هذا علينا أن نقيس كيف سيصبح حال جمهورية العراق الروائية مستقبلا وماذا سينتظرها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمهورية العراق الروائية جمهورية العراق الروائية



GMT 14:42 2021 الثلاثاء ,18 أيار / مايو

”أعطنى مسرحًا أُعطِكَ شعبًا مثقفًا”

GMT 14:13 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

العمق الثقافي اللبناني

GMT 17:39 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تدريس مادة التربية الإسلامية والمسيحية بالأمازيغية

GMT 19:04 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هذا ما أراده سلطان

GMT 22:15 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

في نسف الثّقافة..

GMT 14:52 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الحُرّيّة

GMT 06:52 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

​عبدالرحمن الأبنودي شاعر الغلابة

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen