بقلم - فادي عيد
وأنا أرى الآن علَم سورية العروبة يرفرف فوق حي بني زيد ومعامل الليرامون في ريف حلب أتذكر اجتماع رؤوساء اجهزة استخبارات الدول التي تقود الحرب على سورية في أنقرة عام 2013 وقتها قال هاكان فيدان لنظرائه "وقت أن نأخذ حلب ستسقط باقي المدن السورية تباعا ولن يصمد النظام السوري مهما فعل" وكان ذلك قبل ان تعمل تركيا على تدمير حلب (المنافس الصناعي الشرس) حين وقّعت سورية وتركيا اتفاقية التجارة الحرة (اتفاقية دس السم العثماني فى العسل كما أساميها من وقتها) 2005، والتي دخلت حيز التنفيذ 2007 وما نتج عنها من سيطرة كاملة لتركيا على المناطق الصناعية في سورية قبل ان يتعرض 1700 مصنع سوري للنهب وللتفكيك وسرقة معداته لتركيا على يد أذرعها الارهابية فى حلب، الان هاكان فيدان يبحث عن مقاتلاته الجوية ومروحيات جيشه الى أي مطار ذهبت، والى أي ميناء اتجهت قطع بحرية السلاح التركي، وكيف سيكون شكل شرق تركيا فى ظل احباط المخططات كافة التي احيكت ضد شمال سورية، وما ينتظره قصر يلدز من مفاجآت غير سارة.
نعم إنها الشهباء التي تحسم شكل الصراع السوري، ومستقبل الرئاسة اللبنانية، ومسار العراق الجديد، ووضع اردوغان فى المعادلة أن لم يكن تركيا ككل. وكما أتت حلب بالكثيرين من شتى بقاع الارض ستطيح بكثيرين أيضا من شتى الأنظمة والحكومات فلم يكن رحيل وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية ونظيره الفرنسي لوران فابيوس بمنأى عن الميدان السوري.
فبداية تحرير حلب جاءت وقت اجتماع وزراء دفاع روسيا وسورية وايران بالاسبوع الاول من حزيران/يونيو الماضي بطهران، ثم زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغى شويجو لدمشق يوم 19 من نفس الشهر، ثم جاءت لحظة تسجيل الهدف في الوقت الرائع وقت خروج تركيا من الملعب السوري ولو جزئيا، بعد ما أصاب تركيا بمنتصف تموز/يوليو، وبالتأكيد بعد تحرير آخر شبر من حلب ستتجه البوصلة نحو أدلب.
ولكن يجب الا تغفل أعيننا عن نوايا واشنطن وتل أبيب تجاه الجنوب السوري، الأمر الذي ادركته ايران مبكرًا، وارسلت الرسالة الاولى عبر اطلاق حزب الله طائرة دون طيار فوق الجولان المحتل بعد ان فشلت اسرائيل بمنظومات دفاعاتها المتطورة بما فيها الباتريوت من اسقاطها قبل ان تفشل مقاتلة اف16 من ضربها بصاروخ جو جو، الامر الذي عكس الرسالة صريحة من حزب الله لتل ابيب بأنه رغم الوضع الصعب الذى تمر به الحكومة المركزية في دمشق الا انه لم تعد الكلمة الوحيدة على الجنوب السوري من تل ابيب فقط، كما أن عقيدة حزب الله العسكرية التي تحولت من الدفاع للهجوم بفضل الحرب السورية قادرة على تكرار تموز جديد ولكن في عمق النفوذ الاسرائيلي، قبل أن تأتي الرسالة الثانية على يد محمد رضا نقدي قائد قوات الباسيج بتواجده في القنيطرة قرب الحدود الاسرائيلية، فيبدو أن طهران قرأت ما دار باجتماعات صفد بين مسؤولين أمنيين اسرائيليين وخليجيين.
ومن ما يحدث بالشمال السوري ندرك تماما ان التفاهمات الروسية الاميركية جعلت موسكو تتولى أمر شمال سورية بينما بات الجنوب والشرق بيد واشنطن، واذا كان الضباب الاعلامي الصادر من كيري ولافروف تجاه الجنوب والشرق السوري فما قامت به اسرائيل اكثر من مرة من قصف مواقع وعتاد للجيش العربي السوري بالقنيطرة هو مشهد واضح يؤكد رؤيتنا تجاه تقسيم ادارة المعارك بين موسكو وواشنطن، كي تخوض اميركا واسرائيل والاردن معارك ضد الجيش السوري وليس التنظيمات الارهابية، ولكن ما لم يتضح على السطح حتى الان من سيكون التنظيم الارهابي الجديد الذي سيظهر بالجنوب او بالأحرى ما الاسم الوهمي الجديد الذي ستتخذه بعض العناصر الارهابية بالجنوب كي تكون ذريعة لقصف مراكز الجيش السوري على يد قوات التحالف الدولى أو اميركا واسرائيل والأردن أن دق التعبير، ومن الفصيل الجديد الذي ستخترعه واشنطن على غرار قوات سورية الديمقراطية وجيش سورية الجديد بعد ان تلقى ضربات قاصمة بمعبر التنف ثم ما جرى بالانزال الأميركي الأردني الفاشل في البوكمال كي يخوض الحرب البرية، ام سيكمل جيش سورية الجديد المشوار.
أرسل تعليقك