محمد اللاهونى
حاولت بقدر الإمكان التمهل وعدم استعجال تقييم الأزمة التي نشبت مؤخراً في الدوري المصري بسبب ضربة جزاء أقل ما يقال عنها أنها "وهمية" احتسبها الحكم إبراهيم نور الدين ضد المقاصة في لقاء الأهلي مما أشعل الأجواء وجعل الزمالك يعلن الانسحاب وتلاه الإسماعيلي والشرقية قبل أن يظهر هاني أبوريدة رئيس اتحاد الكرة بعد اختفاء ويجتمع ببعض رؤساء أندية الدوري ويعود الهدوء.
التمهل في تقييم الأمور كان انتظارًا لمعرفة طريقة الحل وخطواته التي سيتخذها اتحاد الكرة تجاه أزمة ليست وليدة اليوم ولا حتى السنوات الخمس الأخيرة بل هي صنيعة سنوات طويلة عانت خلالها الكرة المصرية من عقدة اسمها الأهلي والزمالك فالجميع في خدمة القطبين سواء إعلام أو حكام أو اتحاد كرة يغير لوائحه سنوياً ويرفض التصدي لأمور عديدة خوفاً من إغضاب الفريقين الذين يملكان الجماهيرية الكبيرة.
والحقيقة أنني شعرت بصدمة بعد أن تابعت الحل الذي قام به هاني أبوريدة ذلك الرجل الذي يشغل عضوية مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ليس ذلك فحسب بل يبقى عضواً في الاتحادين الأفريقي والعربي.
أبوريدة لجأ لحل قد يبدو مقنعاً لمشاكل عائلية مثلاً بعقد جلسة و"قعدة عرب" مع رؤساء أندية الدوري وهو أمر يبدو هزلياً ولا يختلف كثيراً عن الطريقة التي أديرت بها الكرة المصرية في السنوات الماضية وسط ضرب بلوائح أي مسابقة عرض الحائط.
مشكلة التحكيم في مصر لن تحلها مسكنات وجلسات أبوريدة ولو وصلت لألف اجتماع ولن تنهيها بالمناسبة تهديدات الانسحاب من مسابقة الدوري التي لجأ لها الأهلي والزمالك والإسماعيلي وكبار أندية المسابقة.
المشكلة تبقى أعمق وأكبر من كل هذا الكلام ، الأمر يرجع لتدخلات واضحة ومجاملات مفضوحة ومستويات هزيلة للحكام فالتحكيم المصري يا سادة بعيد كل البعد عن البطولات العالمية بل وتمثيله في المسابقات القارية ضعيف للغاية وتجد كل العجب في الوسط التحكيمي في مصر فالحكم هو مدير كرة وعضو مجلس إدارة في أندية بل ويقوم بالسمسرة وترشيح لاعبين لبعض الفرق ويتدخل لحجز فنادق ويرشح مدربين لتولي تدريب فريق معينة وهذه وقائع بالفعل تحدث من حكام لهم اسمهم في الدوري المصري.
الحل لإصلاح هذه المنظومة التحكيمية المليئة بالسقطات والأخطاء يتمثل في احترافية للجنة الحكام وفصلها تماماً عن اتحاد الكرة والاستعانة بخبرات بعض الأسماء المرموقة مثلما فعلت الدول الخليجية وأتى ثماره بالفعل.
وتملك الكرة المصرية خبرات تحكيمية جيدة بالمناسبة ولكن تضارب المصالح ، وأشير هنا إلى التجربة التي كان يود عصام عبد الفتاح عضو مجلس الإدارة الحالي تطبيقها قبل عامين وبدأت ملامح نجاحها في الظهور قبل أن تتم الإطاحة به بسبب حملات إعلامية نفذها مسؤول بارز باتحاد الكرة يفرض سيطرته على التحكيم منذ سنوات مثلما يسيطر على قطاعات كبيرة في الكرة المصرية.
والنقطة الثانية التي تمثل بالنسبة لي لغز محير كيف يقوم اتحاد الكرة بتعيين وجيه أحمد نائباً لرئيس لجنة الحكام وقبل شهور قليلة خرج مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك وأعلن أنه تسلم شيك من شركة شهيرة للمحمول ترعى النادي الأهلي لمساعدة الفريق الأحمر في حسم اللقب.
وإذا كانت الاتهامات غير صحيحة كيف يقبل اتحاد الكرة ويرأسه عضو بالفيفا أن تستمر اتهامات الفساد تلاحق الدوري المصري ولا تقوم بإحالة تصريحات رئيس الزمالك للمحكمة الرياضية الدولية ليعاقب من أخطأ.
ولم يكن منطقياً أن يصمت اتحاد الكرة ويغض الطرف عن اتهامات رئيس الزمالك للحكم إبراهيم نور الدين بالفساد فهو حكم دولي يدير مباريات في مسابقات قارية ويطعن في نزاهته دون أن يشكو هذه التصريحات الغريبة وغير المدعمة بأي مستندات تدل على فساد نور الدين.
أرسل تعليقك