(1)
نعم، الدستور ليس «نصًا إلهيًا»، لكنه فى الوقت نفسه لا يمكن أن يكون «جملة اعتراضية»، إنه «القلب» فى جسد الدولة، وليس «زائدة دودية»، يمكن استئصالها فى أى وقت بهذه البساطة، دون أن تتأثر الوظائف الحيوية للجسم.
(2)
الأمل هو ثمرة شهية تلوح لنا دومًا، تقطفها عيوننا، لكن أيدينا لا تبلغها، وحين تصير دانية نكاد نمسكها تبتعد، وإن أمسكناها نلمح ثمرة أخرى أكبر وأجمل وأشهى، تأخذنا إليها، فنعيد الكرّة، ولا نكفّ عن هذا حتى الرمق الأخير من حياتنا.
(3)
أى مشكلة تخص التعايش بين الفئات الاجتماعية التى تشكل أى دولة يجب أن تحل على أرضية وطنية، وبأجندة محلية، ويشارك فيها وطنيون، فالاستقواء بالخارج أو حرث الأرض أمام تدخل أجنبى سيقود إلى نتائج غاية فى الخطورة، سيتأثر بها الجميع. فلا الأجنبى بوسعه أن يحمى أحدا، ولا الخارج من الممكن أن يضحى بمصالحه من أجل أحد، ومن يعتقد فى غير ذلك فهو واهم أو به خبل.
(4)
ينشغل المصريون ببلدهم انشغالًا عجيبًا، حتى نجد أن من يرفل منهم فى نعمة تامة بأقصى الأرض يفكر فى شراء مقبرة على أرض مصر يثوى فيها بعد موته. ويغضب المصريون من أى حاكم لا يقدر شغفهم هذا، ولا يعرف تاريخ بلدهم، وهم يؤمنون- ولديهم كل الحق- أن مصر هى التى تهب من يحكمها قيمة ومكانة، ولا تطلب منه سوى أن يفهم هذا على نحو سليم.
(5)
اتصلت سيدة ببرنامج عمرو أديب على قناة «إم بى سى مصر» لتقول إنها لا تنام إلا إذا هرش لها زوجها فى ظهرها، وهى عادة اكتسبتها، منذ طفولتها المبكرة. وراح المذيع يأتى بحركات وسكنات لافتة، وبدا أن المشهد كله مصطنع لجذب الجمهور الذى انصرف عن كل البرامج بعد أن تردت، ولم يعد أمام مقدميها سوى البحث عن الغرائب ليقولوا نحن هنا، لكن بلا جدوى.
(6)
كتب أردوغان على تويتر: «لا تقدم تركيا على أى مكان بهدف القضاء على مجتمع ما أو على أرواح الناس الأبرياء. إنما هدف تركيا الوحيد أينما ذهبت هو حماية الأرواح وضمان الأمن والاستقرار، باستثناء الإرهابيين والمنظمات الإرهابية فقط».
وأعلق على هذا ما كتبه الرئيس التركى قائلا: «إن لم تستحِ فقل ما شئت: تراكمت الأدلة حتى سترت عين الشمس على أن تركيا فد فتحت حدودها مع سوريا قبل سنوات لإرهابيين جاءوا من مشارق الأرض ومغاربها، وكان لهذا أثر سيئ على مسار الثورة السورية، ساهم إلى جانب العنف المفرط للنظام فى تحولها إلى حرب أهلية فإقليمية، فضاعت الثورة، وأخفقت».
(7)
الرئيس السودانى عمر حسن البشير خطب فى السودانيين: لا أريدكم أن تصيروا لاجئين. والرد البسيط عليه: بوسعك أن تنقذ السودان، صاحب الفضل والخير عليك، بالإنصات إلى مطلب الناس. فهل من الطبيعى أن يضحى شعب من أجل شخص، أم يجب أن يضحى شخص من أجل شعب، إن كان يشعر بأى مسؤولية حيال بلده؟ لماذا يظن حاكم فرد أنه الوطن؟!
(8)
الحق والحقيقة يقولان إن شعوب اليمن وليبيا وسوريا لم تتشرد، وتعانى من الفوضى والدمار بسبب الذين ثاروا من أجل الحرية والكرامة والعدالة، إنما لأن حكام هذه الدول الثلاث تشبثوا بالسلطة، وقاتلوا شعوبهم من أجلها، وكانوا مستعدين لتحويل دولهم إلى أكوام تراب خربة شرط أن يظلوا عليها إلى الأبد.
(9)
تحتاج المجتمعات البشرية دومًا إلى من يفحصها بعين خبيرة بصيرة، ليقف على التحديات التى تعترض طريقها، ويتبين الفرص التى تلوح لها، ويسهم فى رسم معالم خطواتها القادمة، كصاحب رأى، يستنار به من قبل أصحاب القرار، الذين يجب أن يؤمنوا بدور العلم والمعرفة فى تقدم الأمم.
(10)
فساد المحليات تجاوز الركب منذ سنوات، ووصل إلى الرقاب، ودون محاربته، بجميع أوجهه ومهما كانت خلفيات وشخصيات الفاسدين، ليس بوسعنا أن نتقدم إلى الأمام.. المحليات هى بداية السياسة ومنتهاها، وهى القواعد الصغرى للدولة، وقد صارت أس البلاء فى حياتنا، ولذا فإن تطهيرها واجب.
(11)
إذا نبح عليك كلب وأنت تمضى فى طريق، فليس من الشجاعة ولا الكياسة ولا السياسة أن تتوقف لتسبه أو تعاركه، إنما عليك أن تشكو لصاحبه. لكن ما عساك أن تفعل حيال نباح الفُجَّار من البشر، ولا سيما المسعورون؟!
(12)
يعرف علم الأحياء قواعد لـ«التطور والارتقاء»، وحده «الذباب الإليكترونى» يعرف قاعدة «التدهور والتردى» فيتحول بمرور الوقت إلى «صراصير».. تخرج من بالوعات أعدها لها من يطلقونها على كل نظيف وشريف وحقيقى.
(13)
«الخيال أهم من المعرفة. فالمعرفة محدودة حول ما نعيه ونفهمه، بينما الخيال يشمل العالم وكل ما سيكون هناك لنعيه ونفهمه مستقبلا»، هكذا يقول إلبرت أنيشتين، أما موريس بولندال فيرى أن «المستقبل لا يُتوقع بل يتم تحضيره»، وينصح جوستاف لوبون أى حاكم بأن يدرك أحلام الناس وتطلعاتهم ويقول: «من يعرف فن التأثير على خيال الجماهير فهو من يعرف كيف يحكمها».
(14)
أعتقد أن ٢٠١٩ سيكون عامًا مختلفا فى مصر وبها ولها؛ فالمؤشرات دالة والعينة بينة. وما كان مسكوتًا عنه سيكشف، وما كان ساريًا سيتعثر؛ سينطق الصامت، ويقيم الراكع ظهره، ويدرك من لهم القرار أن الناس هم الأساس.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك