آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

محنة الاقتصاد المصرى

اليمن اليوم-

محنة الاقتصاد المصرى

بقلم/مصطفي الفقي

سمعت فى الأيام الأخيرة أحاديث متفائلة لعدد من كبار الاقتصاديين المصريين حول بعض المؤشرات التى توحى باحتمالات التعافى القريب للاقتصاد المصرى من المحنة التى عانى منها فى السنوات الأخيرة، ويعتمد أصحاب هذه الآراء على بعض الحقائق منها- على سبيل- رفع الدول «الاسكندنافية» حظر زيارة مواطنيها لجنوب سيناء، مع تصريحات أخرى عن احتمالات عودة الطيران الروسى خلال شهرين إذا مضت الأمور فى طريقها المقرر، ويستند الاقتصاديون أيضا إلى هبوط- ولو طفيف- فى سعر الدولار    
 أمام الجنيه المصرى، وهو ما يعنى احتمال ثبات سعر العملة المصرية عند حد معين يستقر عليه، كما أن الحصيلة الدولارية للسندات المصرية قد حققت ما يقرب من أربعة مليارات دولار ورغم أننى لست من هواة الاستغراق فى التفاؤل، إلا أننى أزعم أن هناك إحساسا عاما لدى الدوائر الاقتصادية فى الداخل والخارج أيضا حول استجابة الاقتصاد المصرى للعلاج الجذرى والفعال الذى أقدمت عليه الحكومة المصرية بتخفيض نسب الدعم للمواد البترولية وتعويم الجنيه المصرى أمام الدولار تاركة الأمر لنظرية العرض والطلب وحرية التداول للعملة من خلال سعر واحد لها داخل البنوك وخارجها، وأنا لا أزعم أن الصورة وردية أو أنها سوف تكون كذلك فى القريب العاجل، ولكننى أدعى أننا ماضون على الطريق الصحيح، وإن كنا لا نغفل أبدا معاناة الطبقة الوسطى وما دونها، حيث فوجئت بانخفاض القوى الشرائية لدخولها إلى ما يزيد على النصف، ولكن اللافت للنظر هو أن المصريين قد تفهموا حقيقة الأوضاع الجديدة، رغم صعوبة الحياة وارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق، لأن الدولار    


أولًا: أن هناك شبه إجماع حول خصوصية الاقتصاد المصرى الذى يتسم بأن الجزء غير المنظور منه يكاد يقترب من نصف القيمة الكلية للناتج القومى الإجمالى، إذ إن قطاعا ضخما من الأنشطة الاقتصادية غير مسجلة لأن شرائح كبيرة من المصريين تمتلك بعقود ابتدائية ولا تهوى دفع الضرائب وتعشق تجارة (بئر السلم) إذا جاز التعبير!، ولذلك فإننى أظن أن الأرقام الدولية المعتمدة حول الاقتصاد المصرى ليست دقيقة، لأنها تسقط من حسابها ذلك الجزء غير المنظور من إجمالى الناتج القومى للاقتصاد المصرى برمته، ولعل ذلك يفسر استمرار حيوية الأسواق فى هذه الظروف الصعبة واستمرار حركة البيع والشراء بمعدلات غير متوقعة لاقتصاد تراجع فى السنوات الماضية حتى تحدث غلاة المتشائمين عن احتمالات إفلاس الدولة المصرية ودخول اقتصادها الوطنى «غرفة الإنعاش» لسنوات طويلة قادمة، وعلى هؤلاء وأولئك أن يغوصوا فى أعماق الاقتصاد المصرى لكى يدركوا حجم الاقتصاد الموازى ودوره فى التركيبة المصرية، حتى إن لعبت تجارة المخدرات دورا فى تحريك السوق المصرية فى بعض فترات تاريخ الاقتصاد المصرى!. وليس من شك فى أن صورة الاقتصاد المصرى أمام مؤسسات «بريتون وودز» أفضل مما كانت عليه من قبل، لأن المريض خضع للعلاج

ثانيًا: لقد درجت لغة الأدب والروايات الشعبية على الحديث عن «أغنياء الحرب»، وأنا هنا أتحدث عن فئة جديدة يمكن تسميتها «أغنياء محنة الاقتصاد المصرى»، فالمهربون نشطون، والمتلاعبون بأقوات الشعب موجودون، وقد حكى لى صديق سودانى قادم من «الخرطوم» أن السكر المصرى يباع بكميات كبيرة فى «السودان» بعد تهريبه من «مصر» فى وقت يتحدث فيه المصريون عن أزمة طاحنة فى تلك السلعة الهامة!، وقد لاحظنا جميعا أن أسعار بعض السلع كانت ترتفع أكثر من مرة فى اليوم الواحد وفقا لمؤشرات ارتفاع سعر الدولار حتى إن لم تكن هناك علاقة مباشرة بين ذلك الارتفاع والمخزون السابق من تلك السلعة، وأن هناك من يعبثون بالأسواق ويتلاعبون بالأقوات ويسعون إلى تدمير عملية الإصلاح الاقتصادى وهى فى مهدها، وهنا يأتى دور الحكومة فى ضرورة مراقبة الأسعار والضرب بشدة على أيدى العابثين بمقدرات الاقتصاد المصرى، والذين يستثمرون حاجات الناس ويسعون إلى امتصاص دمائهم من أجل الإثراء الحرام دون رادعٍ من دينٍ أو قانونٍ أو وطنية.

ثالثًا: أن الذى يتأمل الساحة المصرية ويرى المشهد الراهن، لابد أن يعترف بكم الإنشاءات الكبرى فى البنية الأساسية التى لا يبدو مردودها قريبا، ولكنها تحتاج إلى بضع سنوات قبل أن يشعر بها المواطن العادى، لأن تلك المشروعات الكبرى تحتاج إلى فسحة من الوقت ووفرة فى الجهد، وتلك هى المعادلة الصعبة فى الدمج بين عملية التنمية والإصلاح فى وقت واحد، حيث تطل علينا العدالة الاجتماعية التى تمثل هاجسا تاريخيا لدى المصريين عبر تاريخهم الطويل، لذلك فإن جرعات الأمل التى يجب ضخها فى شرايين هذا الشعب خلال هذه المرحلة يجب ألا تتوقف أبدًا، لأنها تعنى ببساطة أن الغد أفضل من اليوم، وأن ما هو قادم سوف يعطى إحساسا بالرضا ويمنح الناس الثقة المفقودة فى الحكومات المختلفة والنظم المتعاقبة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة الاقتصاد المصرى محنة الاقتصاد المصرى



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen