هناك تيار من المصريين يختزل كل مشاكل مصر فى عقدته أو موقفه من العسكريين، ويعتبر أن كل أزمات البلاد ترجع لهيمنة الضباط على الوظائف العامة والوزارات، فى حين أن مشكلة مصر الحقيقية هى غياب العدالة والكفاءة والمهنية وربط التنمية السياسية بالاقتصادية، وأن كثيرا من هؤلاء الضباط أثبتوا جدارة فى العمل العام وكانوا نموذجا فى الكفاءة والانضباط والنزاهة، مثلما كان هناك من هم محدودو الكفاءة مثلهم مثل باقى خلق الله من أصحاب المهن المختلفة.
والحقيقة أن معضلة مصر أننا لم نبن منظومة سياسية واجتماعية جديدة نفرز بها كوادر الدولة المختلفة على أساس معيار الكفاءة سواء جاءوا من خلفية عسكرية أو مدنية، ومازلنا نعمق النقاش الانقسامى داخل المجتمع بين فئاته المختلفة.
ولذا أجد نفسى مختلفا مع القسم الأول من رسالة الأستاذ أحمد واكد، والذى يعبر عن موقف قطاع من المصريين تعلم تعليما جيدا وتخرج عادة فى الجامعات والمدارس الأجنبية ويعيش جزء منه خارج مصر، ولم يبذل أى جهد فى التعامل مع مشاكل الناس العادية، ومعرفة أن جزءا كبيرا منهم يرى أن جدية والتزام العسكريين حائط أمان بالنسبة لمجتمع يعيش ربعه تحت خط الفقر، وتغيب فيه السياسة ويعانى من ضعف الأحزاب وانقسام نخبته، وأن هذا الواقع يجعل تقبل أغلب المصريين لدور الجيش فى الحياة العامة أمرا طبيعيا.
والحقيقة أن رسالة الأستاذ أحمد تضمنت فقرتها الأولى التالى:
د. عمرو الشوبكى
بعد التحية...
فى مقالكم المنشور فى عدد اليوم من «المصرى اليوم» بعنوان احذروا الصفقات... تطرقتم إلى كلمة الدولة المدنية... فنظرت إلى الساحة ومن حولنا فوجدت رئيس الدولة عسكريا و90% من المحافظين عسكريين و100% من رؤساء المجالس المحلية والأحياء إما عسكريين أو شرطيين (طبعا غير صحيح نسبة 100%) وجميع الوظائف العليا فى جميع الوزارات حتى الأوقاف والجامعات بها ما لا يقل عن 30% عسكريين وشرطة..... جميع التجمعات العمرانية الجديدة يقودها عسكريون وشرطة... المتحدث الرسمى باسم وزارة كذا اللواء فلان وفى وزارة الزراعة مدير إدارة الأراضى وكذلك مدير إدارة الثروة الحيوانية اللواءات فلان وفلان حتى الخارجية والإعلام..... وعدد الوزراء العسكريين أكثر من 6...... وأخيرا مجلس النواب..... هل تعلم كم عسكريا وشرطيا وزوجاتهم أعضاء فى المجلس؟ والأهم أن كل ضابط جيش أو شرطة يخرج معاشا يلتحق بوظيفة مدنية (غير صحيح أيضا نظرية «كل»)... فعن أى مدنية تتحدث. تذكرت وأنا أقرأ مقالك عندما كنا نصرخ لا لأخونة الدولة.... واليوم عندما خلع المشير بزته العسكرية أصبح مدنيا... هل لو حلق الدكتور محمد مرسى ذقنه وقتها سنصدق أنه مدنى؟
حين يكون بجوار مصر دوله ديمقراطية لليهود اسمها إسرائيل، ويكون كثير من حكامها وقادتها عسكريين، وتحافظ على تقدمها وتفوقها العسكرى والاقتصادى دون أن يعزى أحد ذلك للعسكريين أو المدنيين، إنما إلى منظومة سياسية كفئة تسمح باختيار أفضل من فى العسكريين والمدنيين.
أما القسم الثانى من رسالة الأستاذ أحمد واكد فهو ذو دلالة ويحتاج لتأمل لأنى أتفق معه أن هناك مشكلة كبيرة فى خطابنا السياسى، وكيف أن اختزال رسالتنا السياسية للعالم فى الحرب على الإرهاب يأتى فى أحيان كثيرة بنتائج سلبية، خاصة إذا كنا بلدا يسعى للسياحة والسياح، وحاول أن يجذبهم مؤخرا فى مؤتمر برلين وتعثر، ويسعى للاستثمار الأجنبى، فى وقت يتهم فيه العالم كله بالتآمر علينا.
وهنا كتب الرجل:
موضوع آخر أحببت أن أشاركك فيه:
دعنى أسوق لك هذه القصة التى حدثت الأسبوع الماضى علها تدغدغ تفكيرك وتكتب وتنشر ما لا أستطيع أنا نشره:
الأسبوع الماضى كنت فى رحلة ترفيهية مع زوجتى لليابان وصلنا طوكيو بعد انتهاء زيارة الرئيس السيسى بأربعة أيام.. المهم... التقيت بأحد اليابانيين فى مطعم الفندق وما إن علم أننا مصريون سألنى هل أنتم هنا هربا من الإرهابيين فى مصر خوفا من القتل؟ قلت له لا نحن هنا فى إجازة.. قال ولكن بلدكم كلها إرهابيون... مازحته قائلا وهل نحن نشبه الإرهابيين؟! قال لى هذا ما قاله رئيسكم وطلب مساعدة اليابان لمحاربة الإرهاب.. وعليه... صدقونى كان لدى خطة لزيارة مصر ولكنى لن أذهب... قلت له إن مصر آمنة وما قاله الرئيس يقصد به أن فى مصر مجرمين خارجين على القانون كما فى أى دولة فى العالم ونحن فى مصر نتصدى للخارجين على القانون، هذا كل شىء... لم يعجبه كلامى... وأخذ يتفحص هاتفه المحمول ثم دفع به إلى.... قلت له أنا لا أجيد اليابانية... اعتذر وضغط على زر ليترجم الصفحة للإنجليزية وكانت تصريحات الرئيس فى المؤتمر الصحفى وقد كنت قرأتها من قبل. قلت له لا تقلق مصر آمنة والرئيس يقصد المجرمين... وحتى لا يستمر الجدال انتقلنا للحديث عن التكنولوجيا والحضارة. وبعد هذا نسأل أين السياحة؟ طبعا كلام الرئيس السيسى ليس وسيلة للترويج السياحى!!!
أرجو ألا أكون قد أثقلت أو أطلت عليك.
أخيرا أتمنى أن تطالب بالدولة المدنية بلا عسكريين خلعوا بزاتهم وبلا إخوان حلقوا ذقونهم وبلا مصاصى الدماء الذين باعوا البلاد والعباد وأفسدوا الحياة السياسة من الحزب الوطنى وزبانية مبارك.
هى رسالة تحتاج إلى تأمل وتعكس آراء قطاع آخر من المصريين لديهم انتقادات تستحق النقاش بصرف النظر عن حجم الاتفاق والاختلاف معها.
أرسل تعليقك