آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

البابا والإمام (2- 2)

اليمن اليوم-

البابا والإمام 2 2

بقلم/عمرو الشوبكي

كلمة الإمام الأكبر شيخ الأزهر والبابا فرنسيس فى مؤتمر الأزهر للسلام كانت من أهم الكلمات التى شهدتها الساحة الدينية فى مصر منذ عقود، فقد أكدت كلمة البابا على القيم الإيمانية والدينية واعترفت بتعدد مظاهرها وصورها، وقال فى هذا السياق جملة عميقة وذات دلالة: «لم تشرق فى مصر شمس الحكمة وحسب، بل شعَّ أيضاً على هذه الأرض نورُ الأديان متعدد الألوان، وهنا شكلت اختلافات الأديان شكلاً من أشكال الغنى المتبادل فى خدمة المجتمع الوطنى الواحد»

كلام الرجل عن الأديان لم يحمل أى نوع من الاستعلاء الغربى على باقى شعوب الله، ولا الاستعلاء الدينى الذى يمارسه بعض المسلمين على أصحاب الديانات الأخرى، وقال: «فى عالم قد عَولَمَ العديدَ من الأدوات التقنية المفيدة، ولكن فى الوقت نفسه عولَم الكثيرَ من اللامبالاة والإهمال، نشعرُ بالحنين إلى الأسئلة الكبرى، التى تبرزها الأديان، ولاسيّما اليوم، فإن الدين ليس بمشكلة، إنما هو جزءٌ من الحل».

أما كلمته أمام الرئيس السيسى فقد دافع فيها عن العدل والحرية وجاء فيها:

«إنَّ التاريخ لا يغفر لأولئك الذين يُبشِّرون بالعدالة ثم بعد ذلك يمارسون الظُّلم، وإنَّ التاريخ لا يغفر لأولئك الذين يتحدَّثون عن العدالة ثم بعد ذلك ينبذون أولئك الذين يختلفون معهم»، وأضاف مخاطبا الرئيس: «أخبرتنى قبل دقائق أنَّ الإله هو إله الحرية، وتلك هى الحقيقة».

ورفض البابا مثل شيخ الأزهر فى كلمته تجارة السلاح والموت، وقدم رسالة محبة وسلام عميقة تتحاور مع الحضارات المختلفة وتؤكد قيم التعايش بين الأديان.

جانب آخر أسفرت عنه زيارة البابا لمصر هو الاتفاق مع البابا تواضروس على توحيد سر المعمودية بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، وبمقتضاه لم يعد مطلوبا أن يعاد تعميد أى مسيحى مرة أخرى فى الكنيسة الأرثوذكسية طالما تم تعميده فى كنيسته الأولى.

التقارب بين المذاهب المسيحية رسالة مهمة للمذاهب الإسلامية، خاصة فى ظل الاقتتال الشيعى السنى، والذى لايزال الأزهر بعيدا عما سبق أن قاده فى ستينيات القرن الماضى من حوار مثمر بين المذاهب الإسلامية فيما عُرف بسياسة التقريب بين المذاهب.

أما كلمة شيخ الأزهر الإمام الطيب فقد تميزت بالحكمة والوضوح والعمق، وأثرت فى كل من سمعها تأثيرا كبيرا، وأكد الرجل أنه لا يجب أن تدان حضارة أو ديانة بسبب انحرافات قلة قليلة من أبنائها، وهو ما يفعله البعض بكل أسف تجاه الإسلام حين يربطه بالإرهاب، فى حين أن الغرب خرجت منه الفاشية والنازية وحروب قتلت ملايين البشر ومع ذلك لا يجب القول إن حضارة الغرب هى حضارة دمار وقتل.

الملاحظة الأولى على كلمة الإمام الطيب (وعلى الخطاب الأزهرى بشكل عام فى هذا الإطار) هى عدم تقديم أى إشارة فيها نقد ذاتى لبعض الجوانب السلبية فى تاريخنا وحضارتنا وواقعنا الحالى، لأننا نتحمل جانبا من المسؤولية عما يجرى فى العالم من «شرور» ومن غياب للعدالة ومن الظلم، فالنقد الذاتى الحصيف يقوى من موقفنا ويعطينا قوة فى التعامل مع العالم، خاصة الغرب.

أما الملاحظة الثانية فجاءت من كثير من المسيحيين، حيث أبدوا عدم رضاهم عن عدم استقبال الإمام الأكبر للبابا على مدخل مشيخة الأزهر، كما هو متوقع، ولم يفهم الكثيرون سبب ذلك.

علينا فى النهاية أن نشكر من القلب كل المخلصين أصحاب الرسالات الصادقة فى داخل الأزهر وخارجه، فى الدين كما فى السياسة والاقتصاد والأمن، وليس الكذابين والجهلاء والمطبلين، ونعتبر مؤتمر الأزهر للسلام انتصارا كبيرا للنوعية الأولى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البابا والإمام 2 2 البابا والإمام 2 2



GMT 04:44 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

جرائم علي النيل

GMT 03:32 2017 السبت ,18 آذار/ مارس

من مفكرة الأسبوع

GMT 13:37 2017 الأربعاء ,15 شباط / فبراير

فتسريح بإحسان
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 01:05 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة هند صبري تكشف تفاصيل إنتاجها لأفلام الإنترنت

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

روما يهزم برشلونة الثلاثاء عن طريق اللاعب دجيكو

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

كاتي بيري تلفت الأنظار إلى فستانها البني الأنيق

GMT 21:10 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

يوفنتوس سيجاري عرض أرسنال الخيالي لضم مبابي

GMT 01:57 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تظهر في عيد ميلاد توأم زينة وتخطف الأضواء

GMT 15:40 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

دينا راغب بإطلالة فرعونية تتخطى 150 ألف دولار

GMT 03:21 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تستعمل الأغاني بدلًا من أصوات المحركات المزعجة

GMT 21:31 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تحدث ميزات جديدة للمستخدمين في15 دولة العالم العربي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen