آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

السياسة قبل الأمن

اليمن اليوم-

السياسة قبل الأمن

بقلم/عمرو الشوبكي

ظل دور الأمن حاضرا بقوة منذ بداية نظمنا غير الديمقراطية، ولكنه لم يكن الدور الوحيد، ولا فى أحيان كثيرة الرئيسى، لأن الفارق بين الاعتماد على الأمن فى تنظيم المجال السياسى وبين تقيده وقمعه هو كالفارق بين نظام يرغب فى التقدم وآخر يصر على أن يعود للوراء.

دور الأمن فى الحياة العامة والسياسة هو دور المنظم والرادع للمخالفين والخارجين عن القانون، أما إذا خرج عن هذا الدور- وأصبح هو المخالف للقانون والقواعد، وهو الذى يهدر أحكام القضاء نتيجة الأهواء والتحيزات- فإن هذا يعنى أننا أمام بلد سيشهد بأسرع مما يتصور الكثيرون مزيدا من الأزمات الكبرى، خاصة حين ينتهك النظام القوانين التى وضعها لنفسه ولم يفرضها عليه أحد.

معضلتنا فى الوضع الحالى ترجع إلى تغييب كل الوسائط السياسية والحزبية، مما خلق حالة من الفراغ ملأتها الأجهزة الأمنية التى أصبحت تدير المؤسسات المدنية المنتخبة وغير المنتخبة، وترسم طريقا لفشل مُدوٍّ لم يتعظ الكثيرون من مشاهده السابقة حتى الآن.

الفارق بين الدور السياسى للأمن وبين الأمن الذى يقضى على السياسة هو الفارق بين عصورنا السابقة على عيوبها والعصر الحالى، ففى الحالة الأولى سنجد أن كثيرا من النظم الحاكمة امتلكت مشاريع سياسية نجحت فى جذب غالبية الناس حولها، فاقتصرت مهمة الأمن على حصار التنظيمات «المناوئة» ومواجهتها كما جرى مع الإخوان المسلمين والشيوعيين وبعض الليبراليين فى عهد عبدالناصر، وليس مع مواطنين على باب الله دفعوا حياتهم ثمنا لانتهاكات أمنية صارخة أو مظاليم انتُهكت حرياتهم.

والمؤكد أن مشروع الوفد الليبرالى، ومشروع عبدالناصر القومى، نجحا فى جذب ولاء القطاع الأغلب من المصريين بإرادتهم الحرة وليس بالقهر الأمنى، فنظام عبدالناصر «غير الديمقراطى» نال أكبر شعبية فى تاريخ مصر المعاصر، تنظيمات الحزب الواحد التى كانت قد بنت عصرها من هيئة التحرير مرورا بالاتحاد القومى وانتهاء بالاتحاد الاشتراكى، وحين شعر عبدالناصر أن تنظيماته السياسية- التى بناها وهو فى السلطة ضمت المؤيدين الحقيقيين والمنافقين لأى سلطة- أسس تنظيما سريا سماه التنظيم الطليعى (طليعة الاشتراكيين)، وأسس منظمة الشباب، ولم يستسهل الحل الأمنى فى كسب الولاء وتشويه الخصوم، إنما حرص على الاحتفاظ بقناة سياسية- مهما كان الرأى فيها- وضعته فى تواصل دائم مع الناس.

وإجمالا فعهودنا الجمهورية الثلاثة تقول إن عبدالناصر انشغل بالأمن ولكنه انشغل أكثر بالسياسة، وكذلك السادات الذى خالفه فى التوجهات ولكنه لم ينسَ أن يروج لرؤيته فى السلام مع إسرائيل والتحالف مع الغرب وأمريكا بآراء سياسية وليس بالكلام الفارغ، وحتى مبارك الذى تراجعت السياسة فى عهده، فإن الدولة المصرية ظلت بها رموز مدنية وسياسية تربت فى عهود سابقة وعلى قدر معقول من الكفاءة.

حين تغيب الرؤية السياسية لأى نظام سياسى فإن دور أجهزة الأمن يتضخم تلقائيا لملء الفراغ الذى هجرته السياسة والعمل الأهلى والنقابى، وتصبح مهمته ليس فقط مواجهة المعارضين أو التنظيمات المتطرفة، إنما قمع كل شىء وإعادة ترتيب كل شىء أيضا من الأحزاب إلى القوائم الانتخابية إلى الإعلام إلى النقابات، وحتى الكلمة والنفَس يجب أيضا أن يخرجا بحساب أو لا يخرجا.

وهى أمور سندفع جميعا ثمنها، حتى لو تبلَّد حِسّ البعض وأصر على ألا يراها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة قبل الأمن السياسة قبل الأمن



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen