بقلم - عمرو الشوبكي
ينقسم علم السياسة إلى فرعين رئيسيين: الأول هو العلاقات الدولية الذى يتقاطع مع مدرسة القانون الدولى العريقة، والثانى النظم السياسية الذى يتقاطع مع مدرسة القانون الدستورى العريقة أيضا، ولأنى تخصصت فى مجال النظم السياسية عرفت بعد دراسة علم السياسة فى مصر وفرنسا أن دراسة النظم السياسية فى العالم «كوم» والعالم العربى «كوم آخر».
والحقيقة أن تصنيف النظم السياسية قائم على أن هناك نظماً شمولية (Totalitarian) وسلطوية (Authoritarian) وديمقراطية (Democratic)، وفى داخل كل نظام توجد تصنيفات خاصة اعتاد أن يصوغها الباحثون تبعا للمنهج المستخدم والانحياز السياسى.
فمثلا الأدبيات الغربية تصنف نظام عبدالناصر فى مصر أو نظام كاسترو فى كوبا أو النظام الصينى بالنظم الشمولية ولكن هناك مدارس ربطت موقفها من هذه النظم بقدرتها على الإنجاز، ولذا سنجد كثيرين يصنفون نظام عبدالناصر رغم عدم ديمقراطيته بأنه نظام تحرر وطنى أو اشتراكى أو تقدمى لأنه من الأصل اختار إطارا قيميا وسياسيا لم يعتبر فيه الديمقراطية أولوية إنما الاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية.
نفس الأمر ينطبق ولو بصورة مختلفة على قوة عظمى مثل الصين، فقد اختارت النظام الاشتراكى كطريق للتنمية الاقتصادية والحزب الواحد (الحزب الشيوعى).
وتُحكم الصين من خلال نظام الحزب الواحد منذ 70 عاما، وهو الحزب الشيوعى الصينى الذى يضم حاليا حوالى 90 مليون عضو، أى أكثر من 5% من عدد السكان، وهو بذلك يعد أكبر حزب سياسى فى العالم، ويبدى الحزب مرونة كبيرة فى توجهاته السياسية داخل المناطق الريفية، حيث تعيش غالبية سكان الصين.
وعقيدة الحزب الاشتراكية بطبعة صينية تقوم على أربعة مبادئ أساسية ليس بينها نظريات المؤامرة والكلام الفارغ (الذى يتحول أحيانا إلى نظريات سياسية تكرس التخلف وتعرقل التقدم)، أولها التمسك بخط الحزب الشيوعى، والثانى وهى نقطة فى غاية الأهمية تقوم على «تحرير الأفكار وطلب الحقيقة من الواقع»، والثالث التمسك بخدمة الشعب بكل أمانة وإخلاص (لا إهانته صباحا ومساء باعتباره جاهلاً وقاصراً)، وأخيرا التمسك بنظام المركزية الديمقراطية، أى إجراء نقاش حقيقى داخل كل وحدة حزبية صغيرة ولو فى قرية نائية، وبعدها يتم الالتزام بقرار قيادة الحزب.
والحقيقة أن النقاش الذى يجرى بين فريقين فى العالم أولهما يرى أن الديمقراطية شرط للتنمية والتقدم وآخر يرى أن الديمقراطية ليست شرطا للتقدم، إنما قدرة أى نظام على الإنجاز، ومثّل النموذج الصينى قوة حقيقية لأصحاب هذا الاتجاه.
إن محددات النجاح هى احترام النظم السياسية للإطار القانونى والدستورى الذى تنطلق منه وقدرتها على الإنجاز، وتبقى أزمة كثير من النظم العربية فى هذا الإطار قبل أن تكون ديمقراطيتها أو شموليتها.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك