بقلم - عمرو الشوبكي
البحث عن مرشح يخوض انتخابات الرئاسة كمنافس خاسر وشكلى أمام الرئيس السيسى، كارثة مكتملة الأركان، واختيار حزب الوفد أعرق وأهم الأحزاب المصرية كغطاء له كارثة أكبر.
يقينا إجراء انتخابات رئاسية فى ظل غياب أى تنافس أمر ضار بالعملية السياسية، كما أن حديث بعض قيادات حزب الوفد (فى اتصال مباشر أجريته معهم مساء الخميس الماضى) عن أن انتخابات بلا تنافس ستفقد البلاد شرعيتها الدولية، وأن الدفع بمرشح هو فى صالح مصر المستهدفة من أطراف كثيرة وليس بالضرورة شخص الرئيس.
والحقيقة أن معضلة هذا القرار وربما كارثته تكمن فى أنه يتصور أن تقديم مرشح لحزب أيد نوابه الرئيس فى البرلمان، وكتبت صحيفته فى صدر صفحتها الأولى ما يؤكد دعمها له، وتبارى كثير من قيادات الحزب على مبايعة الرئيس، يمكن أن يكون مقنعا للناس.
ورغم أن هناك تيارا كبيرا داخل الوفد يؤيد الرئيس عن قناعة، ويرى أنه الأنسب لاستكمال مسيرة 30 يونيو، بل إن البيان الذى أصدره الحزب كان متوازنا حين طالب الرئيس الذى أيده أن يعمل على بناء دولة مدنية ديمقراطية، وهو ما فسره البعض بأنه ربط دعمه للرئيس ببناء الديمقراطية. وهنا نحن أمام موقف سياسى متماسك يتفق أو يختلف عليه لكنه فى النهاية يمكن وصفه بالتأييد الرشيد أو العاقل للرئيس.
وبعد إعلان هذا الموقف فى كل وسائل الإعلام، وعرفه كل من يراقب الوضع فى مصر فى الداخل والخارج، يطلب من الحزب تغيير موقفه والتقدم بمرشح حتى يمارس دور المنافس الشكلى، وكأن الشعب المصرى لن يشعر أنه مرشح معلب وغير حقيقى، وسيقبلها عادى العالم الذى يتابع ما يجرى فى مصر، دون أى غضاضة أو نقد.
هل يتوقع أن ترشيح رئيس حزب الوفد فى انتخابات الرئاسة سينطلى على أحد فى الداخل والخارج؟ أم أن من تفتق ذهنهم عن هذه الفكرة الضارة سيعطون الخارج (الذى يركزون عليه) مادة جديدة للسخرية والتهكم على أوضاعنا الداخلية، وشن مزيد من الهجوم على نظام الحكم فى مصر، عبر صحف بعضها يتحدث عن أخطاء حقيقية، وبعضها الآخر يبالغ ويضيف وفق توجهات سياسية مسبقة.
المعضلة فى طريقة التفكير التى تصورت أن الحل فى أن يقدم الوفد مرشحا بعد أن دعم الرئيس، ولم تبذل أى جهد لإدارة الانتخابات الرئاسية وفق نظام التعددية المقيدة الذى يعطى هامشا لمنافسين دون أن يسمح بتداول السلطة أو تغيير الرئيس، فحتى طريقة التفكير الحصيفة فى الشكل غابت عمن اتخذ هذا القرار.
أن يمارس الحكم أو أفراد فيه كل هذه الضغوط على الوفد لكى يقدم مرشحا ولا يرى حجم الفضيحة التى ستترتب على هذه الخطوة، ودون أن يبذل أى جهد لإخراج الانتخابات منذ بدايتها بصورة مختلفة تضمن نجاح الرئيس وتسمح بوجود هامش من المعارضين والمنافسين ولا تجعل النظام السياسى يقف فى هذا الوضع.
نجاح الرئيس دون منافس أقل ضررا داخليا وخارجيا من انتخابه بمحلل مصطنع، وأن فتح نقاش عام فى أعقاب هذا النجاح حول أخطاء الولاية الأولى والعملية السياسية والانتخابية أمر سيعطى الأمل للشعب وسيساهم فى فتح صفحة جديدة مع العالم الخارجى.
أرسل تعليقك