بقلم - عمرو الشوبكي
اندلعت انتفاضة الحجارة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة فى ديسمبر 1987 وأسفرت عن اتفاق أوسلو فى 1993 ودخول ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى الضفة الغربية (باستثناء القدس الشرقية) وغزة كخطوة على سبيل بناء الدولة الفلسطينية المستقلة.
وجاءت انتفاضة الأقصى فى عام 2000 احتجاجا على الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطينى وعلى انتهاك شارون لحرمة المسجد الأقصى، وأخذت طابع المواجهة المسلحة وسقط فيها ما يقرب من 4500 شهيد فلسطينى وجرح ما يقرب من 45 ألف شخص، أما على الجانب الإسرائيلى فسقط 334 قتيلا من الجيش و735 مستوطنا وما يقرب من 4500 جريح. وقد استمرت الانتفاضة الثانية حتى مؤتمر التهدئة الذى عُقد فى شرم الشيخ فى فبراير 2005 برعاية مصرية وحضره الرئيس الفلسطينى المنتخب حديثا محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلى فى ذلك الوقت أرييل شارون وأسفر عن اتفاق تهدئة بين الجانبين وتجميد المواجهة الشعبية والمسلحة.
وبدلاً من أن تبحث الفصائل الفلسطينية عن وسائل جديدة للضغط على إسرائيل من أجل الالتزام بقرارات الشرعية الدولية والانسحاب من الأراضى الفلسطينية المحتلة دخلت فى مواجهات مسلحة بلغت ذروتها فى 2007 حين قامت حماس بالسيطرة على قطاع غزة بالقوة المسلحة وطردت منه حركة فتح وهى محملة بخطاب إقصائى عدائى لكل من يخالفها فى الرأى ومتصورة أنها تستطيع أن تحرر القدس بإطلاق صواريخ عشوائية على إسرائيل، وحولت بوصلة العداء من إسرائيل إلى فتح، وسقط فى المواجهات بين فتح وحماس ما يقرب من 250 قتيلا وارتكبت حماس جرائم كثيرة بحق كثير من عناصر فتح فى غزة.
ومنذ ذلك التاريخ أضعف الانقسام الفلسطينى من الوزن العربى والفلسطينى فى أى تسوية مع إسرائيل، وأخذت الأخيرة الانقسام السياسى والجغرافى، أى سيطرة حماس على غزة وفتح على الضفة الغربية، حجة لاستكمال سياستها الاستيطانية واستمرار الاحتلال، واكتفت حماس بمواجهات مسلحة غير محسوبة مع إسرائيل دفع ثمنها آلاف من أبناء الشعب الفلسطينى دون أن يؤدى ذلك إلى تقديم إسرائيل أى تنازل يعيد جزءا من حقوق الشعب الفلسطينى.
وقد نجحت إسرائيل، عقب الانقسام الفلسطينى ثم عقب عدوانها على غزة فى 2010، فى اختراق الأراضى الفلسطينية بمئات العملاء والمأجورين، ووضعت آلاف المناضلين فى سجونها، خاصة من قيادات فتح الذين قادوا انتفاضة عام 2000 وعلى رأسهم مروان البرغوثى، وصعدت وجوه أخرى وأصبحت طرفا مؤثرا داخل الساحة الفلسطينية، كما مثل حجم الشهداء والمصابين الذى دفعه الشعب الفلسطينى عامل ضغط صعّب من قدرته على مواصلة النضال وحيدا بدفع هذا الثمن الباهظ.
وقد صعّب من مهمة الشعب الفلسطينى تراجع قضيته العادلة على الساحة العربية، فالسعودية ومعها معظم دول الخليج العربى تعتبر إيران أكثر خطورة وتهديدا لأمنها القومى من إسرائيل وتتحدث يوميا عن الخطر الإيرانى بصورة أكبر بكثير من الحديث عن الخطر الإسرائيلى، كما أن مصر تعانى من خطر الإرهاب بصورة مثلت تهديدا يوميا لأمنها القومى أكثر من إسرائيل وجعلها فى بعض الفترات تعتبر حماس (قبل المصالحة الأخيرة هذا العام) أكثر خطرا على أمنها من إسرائيل.
ما بعد الانتفاضتين انقسم الفلسطينيون وغاب العرب فتغولت إسرائيل.
أرسل تعليقك