بقلم/عمرو الشوبكي
منذ أن عين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد فى 21 يونيو الماضى بدلا من الأمير محمد بن نايف (بقى عامين وليا للعهد) والجدل حول مشروع الأمير وطموحاته لا يتوقف.
فالرجل الذى بات على أعتاب قيادة البلد العربى الأكثر قوة وتأثيرا فى المنطقة العربية، بعد تراجع الدور المصرى فى العقود الأربعة الأخيرة، حتى أصبح البعض يعد مجيئه كملك بالأيام أو بالأسابيع أو بحد أقصى بالشهور.
الملك القادم لديه بالتأكيد أوراق قوة، منها حيويته كشاب (يبلغ من العمر 33 عاما، وسيكون أصغر ملك فى تاريخ المملكة العربية السعودية منذ نشأتها)، وطموحه الشخصى وإصراره على تحقيق أهدافه ورؤيته الإصلاحية التى عبر عنها فى إجراءات وصفها الكثيرون بأنها تمهد لسعودية جديدة «غير التى نعرفها»، سواء بالسماح للمرأة بقيادة السيارة أو مشاهدة مباريات الكرة وفتح دور عرض سينمائية وعودة أم كلثوم للتليفزيون السعودى، وإصراره على مواجهة قوى التطرف الدينى ونيته «تدميرهم».
وقد رحب الغرب بتوجهات الملك القادم بخصوص ملف المرأة والإصلاح الدينى ومواجهة التطرف، ونال دعما غربيا على المستوى السياسى والثقافى كبيرا حتى وصفته وسائل إعلام غربية بأنه «ملك شاب» فى بلد اعتاد أن يرى ملوكا «عجائز»، وهى كلها أوراق فى صالح الأمير الشاب، ولكنه فى نفس الوقت اختار مواجهات كثيرة، بعضها فرض عليه وبعضها الآخر دخله بإرادته.
يواجه ولى العهد الجديد تحديا داخليا كبيرا باعتراض جزء من العائلة المالكة على اختياره وليا للعهد تمهيدا لمجيئه ملكا، ويعتبرون أنفسهم أحق بالحكم منه، وهو الخلاف الذى أسفر عن توقيف 208 أمراء ورجال أعمال وشخصيات قيادية نافذة فى المملكة (أفرج عن 7 منهم) بحجج فساد، كما يواجه معارضة جانب كبير من التيار الدينى المحافظ الذى عارض إصلاحاته الأخيرة بشدة، كما واجه الحكم الجديد دون داعٍ بعض رموز التيار الإصلاحى المستقلة، سواء على أرضية دينية أو ليبرالية، رغم أنهم ليسوا جزءا من تنظيم حزبى أو دينى، كما أنهم ظلوا موجودين على الساحة الفكرية السعودية فى معظم العصور، وفوجئ الجميع بأن أعدادا كبيرة منهم صارت إما مهاجرة أو خلف القضبان.
أما الساحة الخارجية فقد دخل الملك القادم حرب اليمن وهى مبررة بدرجة كبيرة (بعيدا عن أخطاء إدارتها)، ولكنها استنزفت جانبا من إمكانات المملكة، خاصة أنه غاب عنها رؤية واضحة لمستقبلها حتى بدت وكأنها حرب من أجل الحرب لا من أجل تفاوض وحل سياسى.
وجاء التصعيد مع حزب الله غريبا فى توقيته وإخراجه، فلأول مرة تقدم دولة عربية وخاصة خليجية (عرف عن نظمها الحصافة والمحافظة) على احتجاز رئيس وزراء دولة عربية أخرى ذات سيادة، وهى لبنان، فى موقف فتح سهام نقد كثيرة على المملكة وتدخلت قوى كبرى كثيرة، وخاصة أمريكا وفرنسا، من أجل استجلاء الحقيقة، وحتى لو سمحت له السعودية بالحركة قريبا (كما نتوقع) فإنها تظل خطوة غير معتادة داخل السياق السعودى نفسه.
الأمير الشاب فتح جبهات كثيرة وأقدم على مخاطرة كبرى فى الداخل والخارج غير مضمونة النتائج وفرص نجاحه واردة بشرط تحديد الهدف وتقليل جبهات المواجهة التى صارت أكبر من إمكانات أى دولة كبرى أو حتى قوة عظمى.
أرسل تعليقك