آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الأسطوانة المشروخة

اليمن اليوم-

الأسطوانة المشروخة

بقلم - عمرو الشوبكي

كلما احتلت القضية الفلسطينية واجهة الاهتمام الشعبى مصرياً وعالمياً ينبرى البعض مردداً الأسطوانة المشروخة التى تقول مالنا ومال فلسطين ويكفينا مشاكلنا وتحيا مصر، وأحيانا يضيف- ولو على سبيل الحواشى- القصة المتخلفة بأن الفلسطينيين باعوا أرضهم حتى لا يكون مُطالَبا ولو بالتضامن السياسى والإنسانى مع الشعب الفلسطينى وقضيته الأعدل.

والحقيقة أن هذا الكلام جزء من الكلام الفارغ الذى يسيطر على المجال العام والسياسى منذ سنوات، ودليل على حالنا البائس وحجم التخلف، الذى ضرب قطاعات واسعة من مجتمعنا نتيجة إرث إعلامى وسياسى بائس، عوّد البعض على الحديث عن أعدل قضية يمتلكها العرب بطريقة شديدة التخلف، قائمة على أكاذيب يرددها البعض دون أدنى تفكير أو مراجعة.

والحقيقة أن خطاب «كراهية فلسطين» لا يصب فى كثير من الأحيان لصالح إسرائيل، فهؤلاء ليسوا بالضرورة مُطبِّعين، وليس لديهم أى رؤية سياسية من أى نوع، إنما هم ضحايا منظومة تعليمية وثقافية وسياسية فارغة كرّست لهذا التخلف البائس.

والحقيقة أن الهندسة الأمنية لواقعنا السياسى تحاول أن تنتقل إلى هندسة حجم التعاطف والتضامن مع القضية الفلسطينية أو حتى مع ضحايا الإرهاب، أو أى قضية يبدو فيها المجتمع حاضرا ولو بدرجة، وأصبح مطلوبا من الجميع ألا يتجاوزوا السرعة التى يسير عليها المركز السياسى، وصار مطلوبا أن «نهندس» قلوبنا الإنسانية على الحدود التى ضخها العقل السياسى المتجمد، ورسمتها عصا أجهزة الأمن، فنتعلم الكراهية والأنانية، ونروّج الروايات المختلقة عن خطر الفلسطينيين، وننكر حجم التضحيات التى يدفعونها يوميا، ونعتبر القدس لا تخصنا (ولا نعلم مَن تخص).

إن نيران التخلف التى تطول القضية الفلسطينية الأعدل بين قضايا العالم بدت وكأنها «ضد الطبيعى»، فالإنسان له عقل وقلب، وعنده مشاعر وفطرة إنسانية، اجتهدنا لفترات من أجل أن نغير فى هذه «المكونات الطبيعية»، فنخلق لغة عدوانية تجاه الفلسطينى ونتصور أننا بذلك انتصرنا لمصر، ونتناسى أننا نُوجِعها، ونخلق مواطناً عاجزاً عن أن يعطى قيمة مضافة فى عمله أو تربية أبنائه أو فى سلوكه مع جيرانه وأهله، حين نُحمِّله بثقافة الكراهية والأنانية الشديدة تجاه ليس فقط الفلسطينى، إنما أيضا المواطن المصرى البسيط، الذى تركناه فريسة حرمان اقتصادى وسياسى.

والمدهش ألا أحد طبيعياً يطالب مصر بالدخول فى حروب أو مغامرات عسكرية ضد إسرائيل، ولم يطلب منها أن تهمل مشكلات المصريين لصالح حل مشكلات الفلسطينيين، ولكن فشلها فى حل مشكلات المصريين جعلها تخلق تناقضاً وهمياً بين التعاطف مع القضية الفلسطينية والقدس العربية وبين مشكلات المصريين.

وبما أننا لسنا أمام إدارة سياسية للبلد، فكان من الطبيعى أن نشاهد تلك الحملات المؤسفة فى حق الشعب الفلسطينى المحتل، بصورة تجاوزت ما يُكتب فى أوروبا وأمريكا، وأصبح من الصعب قبول تلك «التخريجة» الواهية بأن مشكلاتنا بسبب «حروب فلسطين»، ونتناسى أن حروبنا توقفت منذ ما يقرب من نصف القرن، ومع ذلك بقى وضعنا الاقتصادى والسياسى أسوأ مما كنا عليه أثناء الحروب.

يقيناً لو حلَلنا جانباً من مشكلاتنا الاقتصادية والسياسية، وحققنا تقدماً فى التعليم والصحة ومحاربة الفقر والفساد والعدالة والديمقراطية فسنكون قد قدمنا أكبر دعم للقضية الفلسطينية، ولن تُخيف الحكم مسيرة من مائة شخص.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسطوانة المشروخة الأسطوانة المشروخة



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen