بقلم - عمرو الشوبكي
أعلن الرئيس السيسى رسمياً ترشحه لانتخابات الرئاسة لفترة ثانية، وبعده بساعات أعلن الفريق سامى عنان، «فجراً»، ترشحه لانتخابات الرئاسة ليتغير، ولو جزئياً، مشهد انتخابات الرئاسة بفتح باب للمنافسة لو قُدر لـ«عنان» الاستمرار فى السباق حتى النهاية.
والحقيقة أن انتخابات تنافسية تعنى أن الرئيس السيسى لا يزال لديه دعم شعبى، حتى لو فقد جزءاً كبيراً منه، فلا يزال هناك تيار كبير من المصريين يرى أن الرجل خلص البلاد من حكم الإخوان، وأعاد الاستقرار الأمنى إلى البلاد، وأنجز مشروعات اقتصادية عملاقة، ويخوض حرباً شرسة ضد الإرهاب، حتى لو لم ينجح فيها، إلا أن أنصاره يقدمون له الأعذار فى هذا المجال، على اعتبار أن الإرهاب ظاهرة عالمية، وأنه يستهدف أعتى الديمقراطيات.
هناك ما يمكن أن يقوله السيسى سياسياً لأنصاره بعيداً عن حملات الاغتيال المعنوى «الممنهج»، الذى يمارسه جزء كبير من الإعلام المؤيد تجاه مُنافِسيه المحتملين.
الرئيس أمامه فرصة تاريخية أن يقبل، ولو بقدر، بقواعد اللعبة السياسية، التى تضمن وجود منافسة ما بين مرشحين محتملين، حتى لو لم يحبهم، (وهو التعبير المهذب)، ولكن عليه قبولهم، لأن الشعب هو الذى يقرر، (حتى لو أخطأ)، فى أى تنافس سياسى مَن سيحكمه، تماما مثلما أن القضاء هو الذى يقرر ما إذا كان هذا الشخص فاسدا أم لا.
فى بلاد كثيرة التعددية بدأت مقيدة بسلطة «فيتو» أو سلطة وصاية مثلما شهدت تركيا لفترات طويلة نموذجا سياسيا يقبل بالتنافس والتعددية فى إطار العلمانية التى تحددها المؤسسة العسكرية، وكانت هذه هى البداية للتحول نحو نظام سياسى جديد تراجع فيه الدور المباشر للمؤسسة العسكرية فى العملية السياسية. وفى إيران هناك صراع أجنحة داخل نظام ولاية الفقيه يظل أفضل من النظم التى لا تعرف أى تنافس داخلى من أى نوع، وقد يؤدى إلى تعددية كاملة فى المستقبل المنظور تخرج عن سلطة الولى الفقيه.
وفى مصر هناك فرصة تاريخية أن تتقدم البلاد خطوة للأمام فى اتجاه تنوع على أرضية الدولة الوطنية، وترعاه المؤسسة العسكرية، ويُجنِّب البلاد انهيارات وأزمات كبرى، بأن تُدار المعركة الانتخابية القادمة بين الرئيس والمرشح الأقوى «عنان» على أرضية سياسية بعيداً عن التهم الجاهزة التى تُفقد النظام عناصر قوة يمتلكها ويهدرها بكل سهولة لصالح خطاب بذىء يضر بمَن فى الحكم أكثر من غيره.
إذا خرج الرئيس السيسى من «ثقافة التفويض» والإجماع، وقبِل بانتخابات تنافسية لا يحصل فيها على 90% (فى مصر لم يخسر رئيس فى السلطة استفتاء أو انتخابات تعددية منذ أن تأسس نظامها الجمهورى عام 1954)، وفتح قنوات تواصل مع معارضين وساخطين ومحبَطين ليس من أجل توزيع مغانم، إنما من أجل رفع مظالم وتصحيح مسار، فإن مصر ونظام الرئيس هما اللذان سيفوزان قبل أى منافس.
القبول بانتخابات تنافسية، مهما كانت نتائجها، سيعنى عملياً نجاحاً للنظام السياسى المصرى فى الانتقال من نظام الصوت الواحد الخطر إلى نظام التعددية المقيدة الآمن، ويفتح الباب أمام بناء دولة قانون وتحول ديمقراطى يحترم كرامة الشعب ويعتبره رقماً فى المعادلة السياسية.
أرسل تعليقك