بقلم - عمرو الشوبكي
نجحت الجهود العربية والإسلامية والإنسانية فى إصدار قرار غير ملزم من الجمعية العامة للأمم المتحدة برفض قرار ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، بأغلبية كاسحة بلغت 128 صوتا فى مقابل رفض 9 دول على رأسها أمريكا ودولة الاحتلال الإسرائيلى، فى حين امتنعت 35 دولة عن التصويت على القرار، وهى:
الأرجنتين، أستراليا، بنين، بوتان، أنجولا، البوسنة، كندا، كرواتيا، التشيك، دومنيكان، اكوتوريال، فيجى، هايتى، هنغاريا، جمايكا، كريباتى، لاتيفيا، ليستو، مالاوى، المكسيك، بنما، باراجواى، فلبين، بولندا، رومانيا، رواندا، سولمون، جنوب السودان، ترينداد، توفالو.
ويتضح ارتفاع نسبة الدول الممتنعة عن التصويت عقب التهديد الأمريكى للجميع بوقف المساعدات، وهنا سنجد دولا لا نعرف حتى اسمها من بين الدول التى امتنعت عن التصويت خوفا من إيقاف المعونة الأمريكية، فى حين أن هناك دولا اختارت الامتناع عن التصويت نتيجة تراجع تأثير القضايا العربية بعد أن تصدر الإرهاب واللاجئون والفشل الاقتصادى والاستبداد السياسى عناوين ما يأتى من المنطقة العربية.
فهناك دول جنوبية تاريخيا تضامنت مع القضايا العربية مثل الأرجنتين وباراجواى وبنما وأحيانا المكسيك، اختارت هذه المرة الامتناع عن التصويت، فى حين أن كثيرا من دول أوروبا الشرقية التى لم تخرج من «الثقافة الأحادية» التى ترسخت فيها فى عهد النظم الشيوعية وظلت أسيرة معادلة العداء لحلفاء النظم الشيوعية السابقة فعادت روسيا أكثر من الغرب، وعادت العرب والقضية الفلسطينية على اعتبار أن النظم الشيوعية دافعت عنها.
وقد دعمت كثير من دول أوروبا الشرقية أمريكا فى غزوها للعراق فى 2003 رغم رفض معظم دول الاتحاد الأوروبى لهذا الغزو، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، حتى إن الرئيس الفرنسى السابق جاك شيراك وصف موقفهم بأنه عديم الأدب، وأنهم يتعاملون مع أوروبا على اعتبارها سوقا ويتناسون التزاماتهم السياسية تجاهها.
وقد حافظت الدول الأوروبية الرئيسية، مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا ودول الشمال الإسكندنافية، على موقفها الداعم لحل الدولتين واعتبار القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين القادمة وصوتت مع القرار العربى.
دولة مثل كندا تتخذ موقفا سياسيا وقانونيا وإنسانيا محترما تجاه قضايا المهاجرين والإسلام، وهو عكس الموقف الأمريكى ومع ذلك لحسابات كثيرة اختارت الامتناع عن التصويت وليس دعم القرار العربى، وذلك فى الحقيقة بسبب الصورة الذهنية التى تروجها إسرائيل فى كثير من المجتمعات الغربية بأنها دولة ضحية منذ عهود النازى حتى الآن!!. ولذا سنجد كثيرا من الأوساط المتعاطفة مع المهاجرين العرب والمسلمين تتخذ نفس الموقف المتعاطف مع إسرائيل وكأنها دولة مضطهدة.
والمؤكد أن العرب خسروا جزءا كبيرا من رصيدهم فى أفريقيا نتيجة سنوات التجاهل الطويلة لهذا البلد، ولولا بعض الجهود المغربية الحقيقية فى أفريقيا فى مجال التنمية والشراكات الاقتصادية لاحتكرت إسرائيل التأثير فى أفريقيا، خاصة أنها استغلت كثيرا من الممارسات العربية العنصرية ومشاهد بيع الأفارقة فى ليبيا للترويج لدعاية معادية تماما لكل ما هو له علاقة بالعرب وثقافتهم وقضاياهم.
معركتنا فى الأمم المتحدة كانت ناجحة وأعدنا فيها الاعتبار لقدرتنا على الدفاع عن قضايانا العادلة، واتضح لكل الأسوياء أيا كانت توجهاتهم السياسية أن ترامب ليس حليفا يستحق الفرح والتهليل بقدومه كما فعل بعضنا.
أرسل تعليقك