بقلم - عمرو الشوبكي
لم تعد تهنئة المسيحيين وتمنى السلام والأمان هى فقط واجبة فى عيد الميلاد المجيد، إنما التضامن مع كل مسيحى مصرى فى مثل هذه الأوقات الصعبة، واستدعاء الدور الشعبى فى مشاهد حلوان، فى مواجهة مشاهد أطفيح، وفى مواجهة المئات الذين قرروا ترويعهم وترويع شعب مصر بأكمله من القتلة والإرهابيين.
نتمنى أن تمر احتفالات عيد الميلاد بسلام، وألا يتعرض المسيحيون فى مصر لأى اعتداء، وألا يشعروا أنهم مستهدفون فى الأعياد، وعلى المصريين إبراز صور مختلفة للتضامن والدعم المجتمعى لهم (رغم القيود الكثيرة) باعتبارها إحدى الوسائل الفعالة لهزيمة الإرهاب.
إن الإرهاب ليس فقط الفعل المادى بالقتل والتدمير، إنما هو أيضا خلق مناخ من الخوف والعزلة فى المجتمع، خاصة حين يستهدف أقلية عددية مسالمة مثل المسيحيين، فالشعور بالاستهداف يأتى حين يحاول الإرهابيون وبعض المتطرفين من كل لون تصوير المجتمع المصرى كأنه محايد تجاه الإرهاب الذى يستحل المسيحيين، فى حين أن مشهد حلوان على العكس تماما يقول إن الشعب المصرى بكل فئاته، حتى المتعصبين منه، لا يقبل أى مساس بدماء المسيحيين.
على الدولة ألا تكتفى فقط بالدعم الإعلامى وبالكلام السياسى والدينى الطيب، إنما أن يشعر الشعب كله بأن دماء المسيحيين غالية مثل دماء أى مصرى آخر مهما كان دينه يسقط بفعل جرائم الإرهابيين.
لا يجب أن نكتفى فقط بالرد على المتعصبين بعدم تهنئة المسيحيين بأعيادهم وفعل العكس، إنما يجب أن نُشعرهم بأن الإرهاب عدو للجميع، وأن كونهم أقلية عددية لا يعنى أنهم مُستباحون، وأن الشعب المصرى يعتبرهم جزءا أصيلا منه، وتطمينهم بكل الوسائل فرض عين على كل مصرى.
مواجهة الإرهاب والإرهابيين ودعاية داعش لابد منها لأنها تحتاج أدوات سياسية واجتماعية، بجوار الأمنية، تختلف عن مواجهة التعصب الدينى والطائفى الذى يتعرض له المسيحيون.
وهنا وجب التوضيح أن ما جاء فى مقال «فيديو الإرهابى» من نقد للأداء الأمنى (لأن عدم الاعتراف بالأخطاء يسهم فى تكرار العمليات الإرهابية) يختلف تماما عن أى حديث متداول فى بعض الأوساط عن وجود علاقات بين بعض الجماعات المتشددة والسلفية والدولة، ممثلة فى بعض أجهزتها الأمنية، وأن هذا المتداول لا علاقة له بأى علاقة من أى نوع بقوى التطرف والإرهاب التى نخوض جميعا، شعبا ودولة وأجهزة، حربا شرسة فى مواجهتها، بصرف النظر عن تقييمنا للأداء العام وطرق مواجهة الإرهاب.
لا يجب استسهال فرض مزيد من القيود على حرية الرأى والتعبير، واعتبار فقرة أو سطر أو جملة هى مصدر الخطر، فى بلد يعانى تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، إضافة إلى خطر الإرهاب الذى بات يستهدف الجميع.
الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية هدف تَوافَق عليه المصريون، وهذا لن يتم إلا بإصلاح مؤسساتها، فالدولة لا تصمد أمام تحديات الداخل والخارج إلا بمؤسسات وأجهزة كُفؤة وشفافة تعمل لصالح الشعب وتقبل الرأى الآخر والنقد، ولا تتعامل بشكل انتقائى مع الكُتاب والإعلاميين، فنسمح للمحرضين بالسب والشتيمة متصورين أنهم مؤيدون، ولا نقبل من المخالفين فى الرأى كلمة أو سطرا، سهوا أو خطأ أو تقديرا مخالفا.
حفظ الله مصر، وحفظ الله مسيحيى مصر فى عيد الميلاد المجيد.
أرسل تعليقك