بقلم - عمرو الشوبكي
مر أكثر من عام على حكم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وتراجع صوت الفرحين بقدومه بعد أن اتضح سوء سياساته فى الداخل والخارج، وأصبحت فرص عدم إعادة انتخابه مرة أخرى راجحة.
مؤسف وسطحى أن يخلط الكثيرون بين موقفهم الرافض لهيلارى كلينتون بعد دعمها للإخوان، والمعارض لـ 30 يونيو، وبين تهليلهم لفوز ترامب نكاية فى كلينتون فهو موقف يذكرنا فى الحقيقة بما هو أسوأ من موقف عاصرى الليمونة حين انتخبوا مرشح الجماعة الدينية (محمد مرسى)، متصورين أنه مرشح الثورة بدلا من مرشح الدولة الوطنية (أحمد شفيق) على اعتبار أنه «فلول» وكانت التداعيات على مصر مدوية.
وصل ترامب للسلطة وهو يحمل ثقافة «المعلم المليونير» معتمدا على شركاته الكبرى قبل حزبه الجمهورى الذى لحق به مضطرا وبتعليم محدود وثقافة عامة منعدمة ونظرة سطحية وعنصرية للعالم والآخر.
والحقيقة أن تجربة ترامب لاقت هوى لدى البعض فى بلادنا على اعتبار أنه يحمل موقفا أكثر تشددا من الإرهاب ومن جماعة الإخوان المسلمين، ولكنها نست أو تناست أنه بجوار هذا الموقف فإن الرجل يكره الإسلام والمسلمين، وأن ترامب التاجر ليست له علاقة بالمفاهيم الحديثة التى عرفها العالم منذ نهايات القرن الماضى لتصحيح جانب من الخلل فى علاقة الشمال بالجنوب فليس بالضرورة أن تكسب الولايات المتحدة أرباحا نقدية فى تبادلاتها التجارية مع المكسيك ولا من مساعدتها لمصر، إنما هى ستكسب بالتأكيد حين تساعد دول الجنوب على إحداث التنمية والاستقرار وترسيخ قيم الاعتماد المتبادل حتى لا تصبح أمريكا مستهدفة بهجرة تارة وبإرهاب تارة أخرى لن يستطيع مائة جدار عازل مثل الذى ينوى ترامب إقامته مع المكسيك أن يوقفهما.
يقينا معضلة ترامب ليست أساسا فى تصريحاته المنفلتة ولا فى كراهيته للأجانب وفى القلب منهم العرب والمسلمون، لأن هناك تيارا واسعا فى الغرب بات يكرههم عقب ربط الإرهاب بالمسلمين، إنما فى كونه حاملا لمشروع عقائدى متطرف قادر على إيذاء العالم العربى كما جرى مع قراراه باعتبار القدس العربية المحتلة عاصمة لدولة إسرائيل، وأيضا إيذاء أمريكا ومعها العالم أجمع.
من فرحوا بترامب فى بلادنا نسوا أو تناسوا أنهم يهللون لرئيس يحمل نظرة احتقار لكل الشعوب غير البيضاء و«يخص بالذكر» العالمين العربى والإسلامى، ومع ذلك فرحوا بمجيئه وكأنهم يشاركونه نفس نظرته لشعوبهم المغلوبة على أمرها.
من فرحوا بترامب من المسلمين تصوروا أن عنصريته لن تطالهم باعتبارهم فى وضع متفوق فى بلادهم حتى فرض قيود كثيرة على دخولهم الأراضى الأمريكية، ومن فرحوا به من المسيحيين فعليهم أن يتذكروا أن كل من قالوا إنهم سيقضون على «الإرهاب الإسلامى» من الجمهوريين الأمريكيين وأبرزهم جورج بوش الابن كانت سياستهم وقودا للمتطرفين، ووبالا على المسيحيين العرب وبفضلهم تم تهجير مليون مسيحى من العراق من أصل مليون وربع.
التوجهات العنصرية لا تحمى أغلبية ولا أقلية ولا مسلمين ولا مسيحيين، وانتظروا ما هو أسوأ من إدارة ترامب لأننا فى مصر نعيش فى بلد عربى جنوبى نامٍ وليس فى الشمال المتقدم، وهذا لن يغيره أى تفاعل كيميائى بين الرئيسين ترامب والسيسى.
أرسل تعليقك