بقلم/عمرو الشوبكي
معركة مصر ضد الإرهاب حقيقية وكبيرة، وهى ليست معركة سهلة، لأنها لا تواجه فقط تنظيمات أو خلايا مسلحة، إنما بيئة حاضنة تغذت فى السنوات الأخيرة على خطاب تحريض وكراهية ضد الدولة ونظام الحكم بمؤيديه ومعارضيه معا.
معركة مصر ضد الإرهاب تحتاج لتكاتف الجهود وعدم تشتيتها فى معارك أخرى تصر الدولة على خوضها، حتى انتقلت من ملاحقة معارضة إخوانية تحرض وتمارس العنف إلى معارضة مدنية ثورية تحرض على التظاهر، حتى وصلت أخيرا إلى اعتقال رموز معارضة شرعية مدنية تطالب بالإصلاح والتغيير والتنمية والعدالة.
واحد من هذه الأسماء هو إسلام مرعى، أمين تنظيم الحزب الاجتماعى الديمقراطى، الذى أسسه الدكتور محمد أبوالغار، وهو شاب فى منتصف الثلاثين ينتمى لأسرة ميسورة الحال من التجار ورجال الأعمال، وهو الوحيد ضمن أفرادها الذى قرر ممارسة السياسة وانضم لحزب شرعى وترشح فى الانتخابات الأخيرة فى محافظة الشرقية وخسر بفارق بسيط، ووجهت له أجهزة الأمن تهمة دعم الإرهاب واعتقلته منذ أكثر من شهرين، وفق ما جاء فى مذكرة محاميه إسلام الضبع، الذى أكد كيدية كل التهم الموجهة له.
إن اعتقال أمين تنظيم حزب مدنى معاد للإخوان ولعب دورا رئيسيا فى 30 يونيو وترتيبات 3 يوليو بتشكيل أول حكومة مدنية بعد إسقاط حكم الإخوان يهدم معنى السياسة فى مصر، وليس فقط أى أفق للانتقال الديمقراطى.
الصادم أن فى مصر معركة حقيقية وصعبة ضد الإرهاب وليس ضد إسلام مرعى، وهى معركة سقط فيها عشرات الشهداء من رجال الشرطة والجيش ومن المدنيين الأبرياء، ولن تستطيع الأجهزة الأمنية مهما كانت كفاءتها أن تحسمها فى يوم أو فى شهر أو فى سنة دون رؤية سياسية واجتماعية متكاملة قادرة على أن تترجم ما تردده الدولة كل يوم من أن المعركة مع الإرهاب ليست أمنية فقط إنما سياسية وثقافية واجتماعية ودينية، فى حين أن ما يجرى على الأرض هو فقط الحل الأمنى.
من يتصور أن تلفيق التهم والزج بأبرياء فى السجون بتهم باطلة سيواجه الإرهاب أو سيخدم الوطن يرتكب جريمة أخرى مكتملة الأركان، وإن استمرار هذه الأوضاع دون محاسبة أو دون تصحيح أمر ضار بالجميع، شعباً ودولةً وأجهزةَ أمن.
هل نريد أن نحول شبابا معارضا إلى شباب إرهابى أو متواطئ مع الإرهاب بسبب المعارك الغلط وبسبب الضغوط والملاحقة الأمنية؟ معركتنا ضد الإرهاب لن تنجح إلا إذا أوقفنا الضغط على هؤلاء الشباب وواجهناهم أو احتويناهم بالسياسة وليس الأمن، وميزنا فى نفس الوقت بين العصابات التكفيرية الإجرامية التى ترفع السلاح وتروع الأبرياء، وبين معارضين فى أحزاب قانونية هم فى النهاية جزء من النظام.
الإرهاب مرشح للتفاقم، ليس فقط بسبب وجود الإرهابيين القتلة إنما بسبب غياب التواصل مع قطاعات واسعة من المجتمع، خاصة الشباب، وإن إحباطها راجع لشعورها بالتهميش والقهر والحصار الأمنى، وليس لموقف عقائدى مسبق من النظام.. وهؤلاء كُثر.
لا تخلطوا بين الشباب الثائر والمتمرد مهما كانت أخطاؤه، وبين التكفيريين الإرهابيين، ولا تدفعوا جزءاً من الأول للتعاطف مع الإرهاب ولا إغماض عينه عنه، ولا التواطؤ معه بسبب هذه الممارسات.
أرسل تعليقك