بقلم/عمرو الشوبكي
اختارت قطر ألا تكتفى بدور يمكن أن تلعبه دولة صغيرة وثرية، وأصرت أن تصبح حالة أو وكيلا للإرهاب يلعب على كل الأحبال والتناقضات وتحكمه عقد كثيرة، أبرزها صغر حجمه وقامته، وبالتالى تعمقت عقده تجاه كل الكبار فى المنطقة العربية فلم تراع جيرة خليجية ولا أخوة عربية فى موقفها من شقيقتها الكبرى السعودية ولا شقيقة العرب الكبرى مصر، وحكم موقفها المعادى لسوريا والعراق أنهما دولتان عربيتان كبيرتان لهما تاريخ عظيم.
حاولت قطر أن تشترى دورها بالمال وحكمتها عقدة الصغير وسط الكبار فكان هذا الدور نموذجا لا يحتذى فى تخريب الدول والتآمر الرخيص عليها حتى صارت الراعى الرسمى للإرهاب فى المنطقة، فلم تترك كيانا إرهابيا إلا ودعمته وأغدقت علية بالمال حتى تساءل البعض عن أسباب هذا السلوك وماذا ستستفيد منه قطر؟
لقد حاول الوكيل القطرى، طوال العقود الماضية، أن يشترى دورا فى المنطقة فتلك عقدته الأولى: البحث عن دور حتى لو تطلب الأمر دعم الإرهاب حتى يعمل لها حساب وتجلس مع الكبار وهى تمتلك ورقة رعاية الإرهاب للمتاجرة بها وابتزاز دول عربية كثيرة.
يقينا كان يمكن لقطر أن تكون صوتا مختلفا داخل البيت الخليجى والعربى، وكان يمكن أن تتحالف مع بعض الإسلاميين وليس مع الإرهابيين، وكان يمكن أن تدعم الثورات حين كانت ثورات وتتوقف عن دعمها حين أصبحت صوتا للإرهاب والإرهابيين، وكان يمكن أن تدعم معارضين لدول عربية كثيرة بشرط أن تفرض عليهم ألا يحرضوا على العنف ولا القتل مثلما يحدث فى أعتى الديمقراطيات حين تضع الدول المضيفة شروطا على أى لاجئ سياسى على أرضها، إلا قطر التى فتحت أبوابها لكل المحرضين على القتل والتخريب دون وازع دينى أو أخلاقى.
معضلة قطر هى أنها ليست دولة ليبرالية أو اشتراكية، ولا إسلامية أو علمانية، وليست ملكية أو جمهورية، فتختلف مع سياستها فى المضمون أو فى الدرجة فتطالبها أن تكون إسلامية أو ليبرالية أو اشتراكية معتدلة بدلا من أن تكون متشددة مثلا، إنما هى فى الحقيقة تلعب على كل الأحبال وتحمل الموقف وعكسه فهى حليفة لحماس وإسرائيل، ومع الأولى ضد السلطة الوطنية الفلسطينية، ومع الثانية ضد الجميع، وهى تريد أن تكون مع إيران والسعودية، ومع حزب الله ومع سنة لبنان، وهى ثورية حسب الطلب والأهواء فترفع رايتها ضد مصر إذا كان ذلك فى صالح الإخوان والجماعات التكفیریة، وتتحول إلى داعية استقرار ورفض للثورية إذا كان أى من هؤلاء الإسلاميين فى السلطة.
الوكيل القطرى اختار دائما أن يرعى الإرهاب فى المنطقة، وتصور أن هذا الدور سیصنع له مكانة دائمة، والحقیقة أنه أعطاها دورا كوكيل أو متعهد الإرهاب فى المنطقة ولكنه ظل دورا مستهجنا وتنتظر أطراف كثیرة عربیة ودولیة الفرصة للتخلص منه.
كان يمكن لقطر أن تحتل مساحة وصوتا مختلفا داخل البيت العربى الكبير لو كانت اعتبرت أن حرمة الدم خط أحمر ورعاية الإرهاب خط أحمر وخرجت من عقده الكيان الصغير وتتوقف عن بث سمومها تجاه الكبار والشماتة فى مصائب أشقائها وجيرانها بعد أن لعبت دورا كبيرا فى صناعتها.
المجتمع القطرى كيان محافظ وتقليدى أنعم عليه الله بالغاز والبترول، فكيف يصبح نظاما ثوريا وجهاديا وتكفيريا وراعيا للإرهاب؟ هذا تناقض يجب على قطر حله داخليا وبصورة جذرية حتى تعود إلى البيت العربى.
أرسل تعليقك