بقلم - عمرو الشوبكي
يبدو أن الفريق شفيق لم يحسب جيدا تبعات اتخاذه قراره الفجائى بالترشح من خارج الحدود، وتصوره أن قرار الترشح سيعطيه حصانة، بما يعنى أنه لم يقرأ جيدا تحولات المشهد السياسى فى مصر وسيطرة الحسابات الأمنية على ما عداها من أى حسابات أخرى.
يقينا من حق الرجل أن يترشح، ويقينا أيضا أن جانبا من الحملة التى شُنت ضده بذيئة وظالمة، وتضر بالدولة والنظام السياسى، إلا أن السؤال: كيف حسب الفريق شفيق حساباته وجعلته يتسرع بهذه الطريقة ويعلن ترشحه فى الانتخابات قبل عودته لمصر؟
من الواضح أن الفريق كان يتصور أن ترشحه لانتخابات الرئاسة سيحرك المياه الراكدة، وسيجعل هناك قدرا من التضامن الشعبى والسياسى معه، خاصة أنه حصل فى انتخابات 2012 على حوالى 12 مليون صوت، ونسى أن الشعب حاليا خارج أى معادلة سياسية سواء كانت مؤيدة أو معارضة، كما أنه لا توجد من الأصل حياة سياسية حتى يراهن على تحريكها بقرار ترشحه.
إن شفيق ليس الإمام الخمينى لكى يقود ثورة من منفاه ومعه تنظيم عقائدى وملايين المتظاهرين فى الشوارع، إنما هو رجل وطنى قادم من داخل الدولة ومثل جناحا آخر لنفس النظام الحاكم، وامتلك شجاعة مواجهة الإخوان عبر أصوات الشعب حين اختفى وقتها كثيرون من أصحاب الصوت العالى حاليا، وبالتالى قرار ترشحه يجب ألا يكون قرارا عنتريا ولا ثوريا إنما حسبة تخضع للمكسب والخسارة.
حسابات المكسب تقول إن الرجل الذى ظل منفيا لأكثر من 5 سنوات كان يجب عليه أولا أن يعود لبلده ويتواصل مع زملائه السابقين فى الجيش والأجهزة الأمنية ويستمع إلى رأيهم فى الترشح، ويتواصل مع مؤيديه الذين أصبح جزء كبير منهم من مؤيدى الرئيس السيسى أيضا.
ولعل ما أشار إليه الأستاذ مكرم محمد أحمد فى مقاله بالأهرام عن حديثه مع شفيق منذ 6 أشهر ونصيحته له بعدم الترشح له أكثر من دلالة، فكان يجب عليه أن يجرى عشرات الاتصالات على أرض مصر، وبعد أن يعيش الحالة الشعبية والسياسية والأمنية فى الواقع ولا يفاجأ بها لحظة وصوله مطار القاهرة.
يقينا هناك تيار واسع من المصريين مع ترشحه ولو من باب فتح المجال العام والسياسى بظهور مرشح قوى حتى لو اختلفوا معه، وكان يمكن للرجل بعد عودته لمصر أن يقرر حسبة الترشح فى الانتخابات من عدمه. أما ما جرى فقد فتح عليه أبواب ضغوط كبيرة، فليس هناك ظهير شعبى له ولغيره إنما أدوات لمن فى السلطة، كما أنه لا توجد حصانة لأحد حتى لو كان بوزن شفيق، الذى واجه الإخوان بآلية ديمقراطية محترمة (طلع فى الآخر إخوان) وكان أيضا أحد أبطال حرب أكتوبر.
يقينا الضغوط التى مورست على الرجل كبيرة، وأرجح أن تكون غير متوقعة، وسواء أكمل السباق أم انسحب فقد تسرع فى إعلان الترشح قبل العودة إلى مصر.
فوفق الحسابات الأمنية الحالية (المنزوع منها أى سياسة) فإن «قص» شفيق قبل أن تبدأ المعركة الانتخابية وصنع حالة مجتمعية، حسبة أمنية صحيحة، ولكن تبقى حسبة خاطئة فى المستقبل المنظور لأنه لا يمكن أن يدار بلد بالأمن فقط ويغيب الشعب والسياسة.
أرسل تعليقك