آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان

اليمن اليوم-

المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان

بقلم/عمرو الشوبكي

نجحت الدولة فى إجراء مصالحة بين حركتى فتح وحماس لتكرر ما سبق وقام به أكثر من مرة جهاز مخابراتها بقياده الراحل عمر سليمان، وفى مرات سابقة ظهرت أطراف أخرى مثل تركيا وقطر باعتبارهما من داعمى غزة، وانتشرت صور زعمائهم فى شوارعها قبل أن تظهر صور السيسى مؤخراً، إعلاناً عن بدء مرحلة جديدة.

والحقيقة أن الفارق الرئيسى بين سياق عمر سليمان وسياق خالد فوزى أنه فى الأول لم تكن حماس قد اعترفت بالفشل فى إدارة قطاع غزة، وبفداحة ثمن خياراتها العسكرية والسياسية فقد كانت مازالت تمتلك أوراقاً إقليمية وهامشاً نسبياً للمناورة، وتعتبر أنها مازالت فصيلاً مقاوماً رغم أنها مارست نفس أساليب النظم الاستبدادية العتيدة فى العالم العربى وهى تدير قطاعاً وليس دولة مستقلة.

والمؤكد أن مشاكل قطاع غزة الاقتصادية والسياسية تفاقمت تحت إدارة حماس التى دعمت إخوانها فى مصر وشكلا حلفاً عقائدياً واحداً فى مواجهة السلطة الجديدة التى جاءت عقب ترتيبات 3 يوليو، وهو ما جعل فرص استمرار هذه المصالحة أكبر من سابقتها لأنها جاءت على أنقاض فشل مؤكد لحركة حماس وأيضا عدم نجاح السلطة الفلسطينية فى التقدم بمسار التسوية السلمية وبناء الدولة الفلسطينية.

ومع ذلك ستبقى تبعات هذه المصالحة ودلالتها فى داخل مصر تحتاج لقدر من التأمل، فالمعروف أن الدولة المصرية وإعلامها المتحمس أكثر من حماس اتهم الحركة بفتح السجون ودعم الإرهاب وممارسته، وطالب البعض فى أعقاب أى عملية إرهابية تتعرض لها سيناء بضرب غزة وحماس بالطائرات.

والسؤال الذى يجب فى يوم من الأيام الإجابة الشفافة عنه: هل حماس فعلاً مسؤولة عن الإرهاب الذى شهدته مصر وهى حركة إرهابية؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فكيف يمكن أن تتصالح مع حركة إرهابية ولماذا لا تتصالح إذن مع باقى الحركات الإرهابية التى تعتبرها الدولة إرهابية مثل الإخوان؟ أما إذا كانت الإجابة بلا، وأن حماس ليست حركة إرهابية، إنما هى خصم سياسى لأى مشروع مدنى داخل فلسطين والعالم العربى، وربما تواطأت أو أغمضت عينها عن تسلل عناصر إرهابية إلى داخل مصر وكانت «تجاره الأنفاق» المرضى عنها لدى الجانبين المصرى والحمساوى سبباً فى تسلسل هذه العناصر للأراضى المصرية، ويحسب للحكم الحالى إغلاقه لها.

إذا كانت حماس لا تستهدف أمن مصر وأنها قبلت بكل الشروط المصرية لضبط الحدود بل وقدمت كافة المعلومات الأمنية عن الجماعات التكفيرية والعنيفة فى قطاع غزة واعتقلت بعضهم، فهل يعنى ذلك أن الاتهامات التى وجهت لحماس فى الماضى كانت سياسية ودعائية بدءاً من اتهامها بتنفيذ عمليات إرهابية داخل كل مصر مروراً بفتح السجون وانتهاء بتخابر مرسى معها؟

الحقيقة أن مسار المصالحة مع حماس سيتطلب توضيحات للداخل المصرى «المنسى»، فإذا كانت فى السياسة الخارجية هناك صفقات تجرى بشكل طبيعى ومقبول مع الخصوم والأعداء والحلفاء طالما لا تفرط فى أرض ولا تتنازل عن السيادة والكرامة الوطنية، فلا توجد عداوات دائمة ولا تحالفات دائمة.

إلا أن الأمر يختلف فى الداخل لأنه مطلوب من أى نظام سياسى أن يفرض شروطه على القوى التى يتحالف معها أو يستوعبها داخل العملية السياسية الشرعية على عكس علاقته الخارجية التى لا يستطيع فيها مثلا أن يفرض على حماس أن تصبح ليبرالية أو أن تلتزم بالدستور المصرى إنما فقط ما يتعلق بالحدود والتوجهات الخارجية.

إن خبرة كثير من نظمنا مع إخوان الداخل كانت قائمة على فكرة الصفقة مثلما جرى فى عهد الرئيس السادات، حين سمح لهم بالعودة السياسية وفق شروطهم أى كجماعة دينية عقائدية تمارس السياسة، وليس جمعية دينية دعوية وحزبا سياسيا منفصلا عنها.

إن أخطر ما يمكن أن تواجه مصر أن يعاد ترتيب المشهد الإقليمى والداخلى ونجد عودة للإخوان مرة أخرى بنفس أوضاعها القديمة بسبب أن هناك مطبِّـلين وهتيفة يصرخون كل يوم ضدهم دون أن يقدموا مشروعا سياسيا واجتماعيا مدنيا قادرا على الإنجاز والتقدم.

المطلوب هو امتلاك رؤية سياسية متكاملة قادرة على خوض مواجهة فكرية وسياسية مع تنظيم الإخوان بغرض تفكيك مقولاته العقائدية والسياسية وحصارها وكشف التناقضات الموجودة بداخلها، وفتح الباب أمام أنصار الجماعة أو المتعاطفين معها للدخول فى العملية السياسية (المجمدة)، وتحويل جزء منهم من شامتين فى أزمات البلاد إلى معارضين سلميين.

القبول المشروط أو الدمج الآمن، كما سبق أن سميته، والذى قام على فكرة وجود دستور مدنى يلتزم به الجميع وفصل الحزب السياسى عن أى جماعة دينية أو عقائدية وهو عكس ما جرى عقب ثورة يناير، حيث وضع الإخوان الدستور على مقاسهم وهيمنت الجماعة السرية على الرئاسة والحزب السياسى.

ولذا حين يتحدث البعض عن مصالحه مع الإخوان، ويضغط البعض الآخر وفق حسابات إقليمية ودولية لإجراء صفقة معهم، وهى كلها خيارات ستعيدنا للمربع صفر مرة أخرى لأنها لا تضع أى شروط وقواعد يكون هدفها إنتاج نموذج آخر غير الإخوانى الذى رأيناه عقب يناير.

مسار المصالحة مع حماس لا يعنى المصالحة مع الإخوان لأن استحقاقات الأولى تختلف جذرياً عن استحقاقات الثانية، وأن امتدت مصالحة الخارج إلى الداخل فى ظل الظروف الحالية فستكون أقرب لصفقة فى الظلام فاحذروا الصفقات حتى لو جاءت بعد حين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان المصالحة مع حماس ليست مع الإخوان



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 01:05 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة هند صبري تكشف تفاصيل إنتاجها لأفلام الإنترنت

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

روما يهزم برشلونة الثلاثاء عن طريق اللاعب دجيكو

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

كاتي بيري تلفت الأنظار إلى فستانها البني الأنيق

GMT 21:10 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

يوفنتوس سيجاري عرض أرسنال الخيالي لضم مبابي

GMT 01:57 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تظهر في عيد ميلاد توأم زينة وتخطف الأضواء

GMT 15:40 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

دينا راغب بإطلالة فرعونية تتخطى 150 ألف دولار

GMT 03:21 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تستعمل الأغاني بدلًا من أصوات المحركات المزعجة

GMT 21:31 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تحدث ميزات جديدة للمستخدمين في15 دولة العالم العربي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen