بقلم/عمرو الشوبكي
النقاش حول أزمة النخبة وعلاقتها (أو انفصالها) بالمجتمع حديث لا ينتهى، وانتقاد النخبة وتبرئة الجماهير حديث يردده البعض، مثلما هناك من لايزال يقول إن الشعب عظيم والنخبة رديئة، وهناك من يقول أيضا ونحن معه إن النخبة شبه المجتمع وأزماتها هى جزء من أزمات المجتمع ولا مجال للفصل التعسفى بين الاثنين.
ويبقى هناك تيار ثان لا نسمعه فى قنواتنا الرسمية والشرعية وهو التيار الذى رفض كل ترتيبات 3 يوليو وأدان النخبة التى أيدتها، ومن هذا التيار جاءتنى رسالة على بريدى الإلكترونى من الأستاذ هشام الهلالى جاء فيها:
الدكتور المحترم عمرو الشوبكى
تحية طيبة..
تناولت فى مقالك نقطة مهمة وذكية لا تغيب عن باحث سياسى محترف مثلك، وهى أزمة غياب السياسة وعدم اكتراث النظام الحالى بأى قيمة للأحزاب والمجتمع المدنى أو حتى بالسياسة من حيث المبدأ، فالنظام لا يرى أى لزوم أو قيمة للسياسة ولا السياسيين، إلا عندما يحتاج تطبيلهم وتهليلهم له فى أى استحقاق يتطلب حشدا جماهيريا تفويضا أو انتخابا... إلخ.
والنظام الحالى يعرف جيدا أن النخبة فى معظمها غير أمينة فى انتمائها وانحيازها للقيم الديمقراطية والحقوق المدنية، وأنها قابلة للاحتواء والترويض بمجرد إلقاء أى فتات لها، ودليلى على ذلك تأييدها منذ البداية لترشيح رجل عسكرى بعيد عن السياسة وبدعم كامل من أجهزة الدولة، خاصة الأمنية.
وسكتت النخبة على الأوضاع الحالية من قمع وفشل فى الاقتصاد والعدالة الاجتماعية والحريات العامة، ولذا فقدت احترام الشعب، وأثبتت أنها غير أمينة، كأحد مكونات تمثيل المجتمع وتياراته أمام السلطة باستثناءات محدودة لأفراد أثبتوا أنهم أمناء على ضمير المجتمع ومنحازون لبناء وطن حر ونظام ديمقراطى، ورفضوا أن يخونوا مبادئهم ودفعوا الثمن.
إن خيبتنا مريرة يا دكتور عمرو، لأننى واحد من الذين يعتقدون أن هذه النخبة لو وقفت وقفة قوية وحاسمة وشجاعة من أجل تنفيذ مطلب 30 يونيو الرئيسى والأهم وهو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة حرة ونزيهة، والوقوف بقوة ضد محاولات انحراف المسار الديمقراطى الذى بدأناه فى يناير لكنا فى وضع أفضل بكثير من الآن، ولكنها نخبة غير مؤمنة بالديمقراطية ولا تريد أن تدفع أى ثمن من أجل الوقوف فى وجه سلطة كانت تترقب أى فرصة لإعادة الأمور إلى وضعها قبل يناير والتنكيل بكل رموزها وتصعيد المطبلين والأفاقين.
تحياتى المخلصة
هشام الهلالى
مترجم مصرى بالسعودية
وردى على أستاذ هشام باعتبارى واحدا ممن أيدوا تدخل الجيش فى 3 يوليو لأنه لم يكن أمام الشعب المصرى وليس فقط النخبة بديل آخر للتخلص من حكم الإخوان إلا بتدخل الجيش بعد أن تأكد استحالة قبول الإخوان لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأن مشروعهم قائم على التمكين الأبدى من السلطة، ومع ذلك سأظل مقتنعا أن رؤية أستاذ هشام، أيا كانت مرجعيتها الفكرية (التى تدين موقفى وموقف تيار غالب من النخبة المدنية فى ذلك الوقت)، تعبر عن تيار يتبنى ما سبق ووصفته بالرواية الثانية لترتيبات 30 يونيو.
وإذا كان أصحاب الرواية الأولى ممن أيدوا 30 يونيو ولا ينتمون لشلل التطبيل والمبايعة تم إقصاؤهم، فبالتأكيد أصحاب الرواية الثانية خارج أى معادلة حتى إشعار آخر.
أرسل تعليقك