آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

كامب دافيد ليست صفقة القرن

اليمن اليوم-

كامب دافيد ليست صفقة القرن

بقلم/عمرو الشوبكي

عارض الكثيرون كامب دافيد وخون البعض الرئيس السادات، واعتبروا معاهدته مع إسرائيل خيانة للقضية الفلسطينية، ووصف البعض استعادة الأراضى المحتلة فى سيناء وفق شروط معاهدة السلام بأنها أرض منزوعة السلاح ناقصة السيادة.


ودارت الأيام وتأكد لمعارضى السادات كما لمؤيديه أن الرجل كان وطنيا، وأنه لم يخن ولم يفرط فى أرض بلاده بل إنه استعادها بالسلم فى أعقاب حرب، وأن خطواته منذ ذهابه للقدس عام 1977 يمكن مناقشتها أو رفضها على اعتبارها مبادرة فردية لم تجلب سلاما شاملا ولم تبذل أى جهد حقيقى لحل القضية الفلسطينية لا تخوينها.

والحقيقة خطوة كامب دافيد وعلى خلاف صفقة القرن الأمريكية، هى خطوة مصرية خالصة عبرت بدرجة كبيرة عن جنوح الرئيس السادات نحو الشهرة والمجد من خلال اتخاذ خطوة لم يتوقعها أنصاره وخصومه ولا حتى مساعدوه وحلفاؤه، فخطوة السادات كانت مفاجئة للجميع، وكانت نابعة من ذاته لأنه أراد منذ البداية أن يدخل التاريخ بعمل كبير يصنعه هو ويكون هو مركز الحدث وصانعه حتى لو عارضه وزير خارجيته الراحل إسماعيل فهمى، أو أمين عام جماعة الدول العربية الراحل محمود رياض وكلاهما استقال عقب ذهاب الرئيس السادات للقدس مباشرة، وحتى وزير خارجية مصر الراحل محمد إبراهيم كامل، والذى وافق على مبدأ التفاوض مع إسرائيل وشارك فى مفاوضات صعبة مع بيجين لم يحتمل التنازلات التى قدمت فى مفاوضات كامب دافيد، وخاصة ما يتعلق بالقدس والقضية الفلسطينية وانضم لقافلة المستقيلين.

ومع ذلك تمسك الرئيس السادات بمبادرته ومعاهدته ودافع عنها حتى النهاية (وربما كانت أحد أسباب اغتياله) وتحمل هجوما من عواصم عربية ودولية كثيرة، وتشكلت ضده جبهة «الصمود والتصدى» من خمس دول عربية هى سوريا والعراق واليمن والجزائر وليبيا، والتى وجهت له السباب والشتائم دون أن تطلق طلقة رصاص واحدة على إسرائيل بل سرعان ما نقلت معاركها إلى داخل كل دولة (وليس بالطبع إسرائيل) وتآمر حزب البعث السورى على نظيره العراقى، وهاجمت ليبيا القذافى الاثنين دون أن تتوقف عن شتم السادات وتخوينه.

كامب دافيد كانت صناعة مصرية وضمت خليطا من رؤية السادات وذاتيته، ولكنها كانت وطنية ونابعة من داخل مصر، وصدرها للعالم كله حتى أصبح الرجل مؤسسا لمدرسة اليمين العربى التى تبنت السلام مع إسرائيل والتحالف مع أمريكا، وتبنت الرأسمالية فى الداخل.

ومنذ ذلك الوقت أصبحت معاهدة السلام حديث العالم، وأحد مصادر انقسام العالم العربى، صحيح أن مصر عرفت قنوات اتصال معلنة وسرية عقب حرب أكتوبر 73 (والبعض يتحدث عن قبلها) إلا أن هذا لا ينفى أن خطوة السادات خطط لها الرجل ونفذها بإرادته الحرة، وعلى ضوء قناعاته بأنها تمثل الخلاص لمصر من مشاكلها الاقتصادية بوقف الحرب مع إسرائيل وإقامة السلام.

أما صفقة القرن فهى من اسمها يتضح أنها صفقة وليست معاهدة معلنة، وهى ترتبط بترتيبات يعدها الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب لحل القضية الفلسطينية بالتنسيق مع بعض دول المنطقة ومنها مصر، فهى ليست مبادرة مصرية حتى لو استمررنا فى دعوات شكلية لكل الأطراف من أجل السلام، كما أنها وفق مصادر غربية وبعض الشواهد تطرح مبادلة أرض مصرية فى سيناء بأخرى إسرائيلية فى النقب، صحيح أن الرئيس السيسى نفى نفيا قاطعا أن تتم أى مبادلة للأرض المصرية، ومع ذلك من الخطأ التعامل مع صفقة القرن على أنها امتداد لمعاهدة السلام، لأن الأولى صنعت ورتبت خارج الحدود، والثانية صنعت وأعلنت داخل الحدود، ولا مجال للمقارنة بينهما.

من حق الولايات المتحدة الأمريكية أن ترعى أى مبادرة للسلام ومن حقها أن تقدم مخرجا لإسرائيل، وأن يسعى رئيسها لأن يدخل التاريخ ويحقق ما فشل أوباما فى تحقيقه، تماما مثلما من حقنا أن نميز بين مبادرات قدمناها للعالم، وأخرى تفرض علينا.

يقينا كامب دافيد كانت فى جوهرها استعادة للأرض المصرية، واعتراض البعض عليها يرجع لأن شروط استعادة الأرض كانت مجحفة بالسيادة المصرية، أما صفقة القرن فهى وفق المعلومات التى سربت عملية متدرجة ستنسحب فيها إسرائيل من بعض المناطق فى الضفة الغربية وستسمح بإقامة دولة عليها، ثم تعطى لهذه الدولة فرصة للتمدد على أراض جديدة إذا التزمت بنصوص المعاهدة وبالالتزامات الأمريكية (لن تكون كلها الأراضى المحتلة فى 67).

صفقة القرن لا تعكس فقط غياب الدور المصرى والعربى، بل تشير إلى أن قضايا العالم العربى والصفقات والترتيبات التى تخصه باتت ترتب خارج الحدود، وصفقة القرن التى يروج لها البعض على أنها كامب دافيد جديدة أمر غير صحيح.

إن مبادرة السادات فى نوفمبر 1997 كانت فى العلن، ومعاهدة السلام كانت أيضا فى العلن وشروط المعاهدة وقيودها يعرفها الجميع، وسيناء «رجعت كاملة لينا» أمر شاهده كل إنسان، ولن يستطيع أحد أن يقول إن السادات تنازل عن جزء من سيناء لاسترداد باقى الأجزاء مثلما حاولت أن تفعل إسرائيل، وتصدى لها الرجل بجملته المشهورة وفى عز مفاوضات السلام، وقال إنه على استعداد لمحاربة إسرائيل لآخر العالم فى سبيل استعادة الأرض المصرية.

صفقة القرن ستظل ترتيبات مريبة حتى تعلن وتتضح ملامحها، أما كامب دافيد فستبقى كتابا مفتوحا للمتفقين والمختلفين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كامب دافيد ليست صفقة القرن كامب دافيد ليست صفقة القرن



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 01:05 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة هند صبري تكشف تفاصيل إنتاجها لأفلام الإنترنت

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

روما يهزم برشلونة الثلاثاء عن طريق اللاعب دجيكو

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

كاتي بيري تلفت الأنظار إلى فستانها البني الأنيق

GMT 21:10 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

يوفنتوس سيجاري عرض أرسنال الخيالي لضم مبابي

GMT 01:57 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تظهر في عيد ميلاد توأم زينة وتخطف الأضواء

GMT 15:40 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

دينا راغب بإطلالة فرعونية تتخطى 150 ألف دولار

GMT 03:21 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تستعمل الأغاني بدلًا من أصوات المحركات المزعجة

GMT 21:31 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تحدث ميزات جديدة للمستخدمين في15 دولة العالم العربي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen