بقلم/عمرو الشوبكي
جاءنى تعليق هام حول قضية الإرهاب الجديد الذى ناقشتها منذ فترة فى مقالاتى الأخيرة، وهو من باحثة ماجستير فى كليتنا المرموقة (الاقتصاد والعلوم السياسية) اتسمت بروح نقدية ونمط جديد من التفكير لا نعتاده فى كثير من طلاب رسائل الماجستير حيث التنميط والأفكار التقليدية، أما مارينا جوزيف فقدمت أفكاراً جريئة تستحق الثناء، وأبرز ما فيها:
الأستاذ الدكتور المحترم/ عمرو الشوبكى..
تحية طيبة وبعد،،
حيث إننى أتابع جميع مقالات سيادتكم بكثير من الاهتمام والشغف لما فيها من عمق فى التحليل. فيما يخص المقالات التى تناولتم فيها قضية الإرهاب، فقد أثارت فى ذهنى الكثير من التساؤلات والنقاط أرى أنها قد تكون جديرة بمزيد من البحث والنقاش، وتشجعت بمشاركتها معكم لمزيد من الاستفادة مما لديكم من علم غزير ومهنية ملحوظة:
قطعاً مازال هناك الكثير من التساؤلات التى يجب طرحها للنقاش المجتمعى والأكاديمى غير إصلاح الخطاب الدينى ومراجعة المناهج الأزهرية، لكن الآلة الإعلامية الرسمية دائماً ما تلجأ للإجابات الجاهزة واجتهادات التسعينيات القديمة. فيما يوجد الكثير من المستجدات التى يجب أخذها بعين الاعتبار.
علينا مثلاً أن نتساءل: لماذا تعتبر مصر على قمة الدول التى تفرز وتحتضن وتصدر الإرهابيين، فقد كان لها نصيب الأسد فى تصدير المجاهدين لأفغانستان فى التسعينيات، ثم إلى المعارك الدائرة فى سوريا والعراق، والآن نرى أعدادهم تتزايد فى أرض الوطن زيادة لافتة؟
هناك أيضاً سؤال آخر يرتبط بكون مصر (وهى دولة يدين الأغلبية فيها بالإسلام) تفوق فى حجم الإرهاب الذى تعانيه دول إسلامية أخرى مثل تركيا (وهى أيضاً دولة يدين الأغلبية فيها بالإسلام)، رغم وجود تعدد إثنى وأيديولوجى فى تركيا أكثر منه فى مصر، وهل يعتبر هذا التعدد أحد العوامل التى أهلت تركيا لذلك، أم توجد عوامل أخرى؟ (وأعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال قد تكون إحدى دعائم الرد على مزاعم أن كل أسباب الإرهاب هى عقائدية أو دينية).
علينا أيضاً أن نتساءل: لماذا اختلف نمط الإرهاب الذى نعانيه الآن عن ذاك الذى واجهناه فى التسعينيات، من حيث: القدرة التنظيمية أو الاعتماد على الفردية، طرق استقطاب الإرهابيين، درجة التأثر بالقواعد التنظيرية والفقهية، وغيرها من العوامل، لأن هذا السؤال سيطرح إطاراً تقييمياً لاستراتيجيات المواجهة التى نستخدمها بشكل علمى وأكاديمى.
سؤال آخر يطرق أبواب الذهن ويتعلق بالنطاق الجغرافى والديمغرافى للظاهرة: لماذا سيناء، ولماذا الصعيد ولماذا يقل ظهور الإرهابيين فى محافظات عن محافظات أخرى؟ (أيضاً بعيداً عن الإجابات المعلبة).
أخيراً ومن أهم الأسئلة التى يجب أن تشغل بال كل من يحلم بغد أفضل لهذا الوطن هو عن العوامل الاجتماعية وقدرة المجتمع المصرى (المجتمع وليس الدولة) على مجابهة/ الاستسلام والتلاحم مع الأفكار الإرهابية (أو عن كثافة وجود من يسمونهم الدواعش)؟ وأعتبر هذا السؤال هو الأهم، لأن الإجابة عليه ستشير إلى مستقبل الظاهرة صعوداً أو هبوطاً، وعلى مدى السلام المجتمعى والتسامح الذى يمكن أن يسود/ يفارق مجتمعنا المصرى، وما نحتاجه بالفعل من حلول أخرى تتكامل وتساند الحل الأمنى الذى يشتبك مع الإرهاب فى آخر مراحله عوضاً عن منع ظهوره، وتجنيب المجتمع ويلاته من الأساس؟
أحلم بمشروع وطنى أكاديمى يجمع مفكرى ومنظرى وعلماء مصر فى المجالات الاجتماعية- من أمثالكم وآخرين ممن يذخر بهم الوطن- لدراسة الظاهرة من جميع الجوانب، وتقديم مشروع متكامل قصير وطويل المدى يكون مصيره ليس الأدراج وأكوام التراب وإنما التبنى والخروج إلى النور (أقول لك إن الدولة بكل أسف لا تهتم بالحلول العلمية ولا تستمع لها).
وتفضلوا بقبول فائق تحياتى وجزيل شكرى وامتنانى لإسهاماتكم وخالص التهانى بمناسبة الشهر الكريم، أعاده الله عليكم وعلى كل من تحبون بفائق الخير واليمن والسلام والبركات.
أرسل تعليقك