بقلم : عمرو الشوبكي
خلفت حادثة معهد الأورام الإرهابية 20 شهيدًا وتركت صورًا مأساوية وقصصا ومآسى إنسانية تابعها الناس بألم، كما خلف حفل المطربة الأمريكية جنيفر لوبيز التى جرت بعد الحادث بأيام قليلة صورًا مبهجة ومنعشة تداولها كثير من الناس بغضب وسخط، ودلت فى النهاية على أننا أمام عالمين مختلفين يعيشان على أرض مصر.يقينًا الاختلاف ليس كله ضارا، وكل من يتصور أنه يريد أن يضع الجميع فى نمط معيشة واحد يختفى منه رواد حفل العلمين وإخوتها مخطئ خطأ جسيما، وهناك من هو مشكلته ترجع فقط إلى إنه لا يستطيع شراء تذكرة الحفل وإذا استطاع وربنا فتح عليه بالمال والجاه فإنه سيمارس استعلاء طبقيًا على الغلابة أكثر مائة مرة من أهل العلمين، كما أن هناك من هاجم بقسوة الحفل لأن لديه عقدة من حضور النساء فى المجال العام سواء كانوا وزيرات أم غفيرات، وانتشرت صورة الوزيرات اللاتى حضرن الحفل بشكل لافت حتى تصور الكثيرون ومنهم كاتب السطور أنهن فقط من حضروا الحفل من أعضاء الحكومة وفى الحقيقة كان هناك وزراء رجال حضروا أيضًا الحفل.ومع ذلك ظل هناك تيار واسع آخر لا تراه الدولة رفض إلغاء الحفل المحدد موعده قبل الحادثة الإجرامية بفترة، ويقبل التنوع المجتمعى والثقافى ويتفهم أن فى أى مجتمع هناك فروقات طبقية ترجع للكفاءة والتعليم والقدرة على الإنجاز والإبداع، وليس بسبب الفهلوة والنصب وشغل الثلاث ورقات، وهؤلاء (ونحن معهم) رفضوا حضور 6 وزراء من الحكومة حفلًا غنائيًا راقصًا، وكأن ضحايا الإرهاب قبل عده أيام كانوا فى بلد آخر وليس فى محيط معهد الأورام فى قلب العاصمة المصرية. أعرف أن هناك تيارًا يرى أنه يجب أن ترسل الدولة رسائل للإرهابيين تقول إنهم لن يوقفوا حياتنا، ولن نخضع لابتزازهم ونتركهم ينكدون على الجميع، وإن الرئيس استمر فى المشاركة فى حفل مع أسر الشهداء فى عيد الفطر الماضى لتأكيد نفس الرسالة، رغم عملية العريش الإرهابية فجر نفس اليوم، وأن رسالة الوزراء كانت فى نفس هذا الاتجاه.نعم الحياة يجب أن تسير ولا يجب أن يوقف الإرهابيون حياتنا بكل تنوعاتها، إلا أن الإحساس بكل ضحايا العنف والإرهاب بالتضامن معهم بصور مختلفة فرض عين على الجميع حكاما ومحكومين، وأن علينا أن نعى أن هناك أزمة حقيقية أراها عميقة (ولا تراها الدولة كذلك) فى التواصل مع الشعب فى «الحلوة والمرة»، وإن تراجع صور التضامن مع الناس فى مصائبهم فى ظل قيود مفروضة على مبادرات المجتمع الأهلى، يجعل الدولة مطالبة بالقيام بكل المهام وأبرزها التضامن مع الناس فى محنتهم لا أن يبدو الأمر وكأن الحكومة تحتفل فى العلمين.حضور الوزراء حفل العلمين كان خطأ كبيرًا.
أرسل تعليقك