بقلم : عمرو الشوبكي
يحتاج السودان إلى رجل/ مشروع جسر بين النظام القديم والجديد، حتى تكون أمامه فرصة ليصبح ضمن تجارب النجاح فى الانتقال الديمقراطى وبناء دولة قانون، ولأن حالة الاستقطاب الحالية سيكون الخاسر الأكبر فيها قوى الحرية والتغيير فإن الأمر يحتاج لمراجعة جذرية للمسار الحالى قبل فشل الجميع.لقد شهد السودان عقب تعثر المفاوضات بين المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير تصاعدا فى دور الجماعات المحافظة والتقليدية التى تجاهلتها قوى الحرية والتغيير، فشهدنا مظاهرات من أجل نصرة الشريعة، وأخرى تؤيد المجلس العسكرى وترفع صور رئيسه ونائبه، وهى تمثل قوى حقيقية لا يمكن تجاهلها بل مرشحة للتزايد فى الفترة القادمة إذا ظلت قوى الثورة متمسكة بخطابها الحالى فى بلد كان الحكم المدنى فيه هو الاستثناء والحكم العسكرى هو القاعدة.إحدى النقاط المحورية التى يحتاجها السودان حاليا تتمثل فى ضرورة وجود (ودعم) رجل جسر بين النظام القديم والجديد، يكون إما ذا خلفية عسكرية ويؤمن بمدنية الدولة، أو مدنيا يؤمن بدور الجيش فى المجتمعات العربية وخاصة فى المراحل الانتقالية، وفى كلتا الحالتين لا يجب أن تتصور قوى الثورة أن من سيأتى الآن هو معبر عنها أو «واحد منها»، إنما المطلوب التوافق على شخص/ مشروع يضمن حقوقها فى التنظيم والحركة، وأن يبنى مسارا سياسيا ودولة قانون قادرة على تحويل معظم أعضاء التيارات الثورية من قوى احتجاجية تجيد الاعتصام والتظاهر إلى قوى منظمة حزبيا تقدم سياسات بديلة وقادرة على الحكم والنهضة بالسودان.الرجل الجسر هو بروفايل الصادق المهدى وليس بالضرورة شخصه، أى رجل مدنى وسياسى، والرجل الجسر يمكن أن يكون أيضا عسكريا سابقا عاش الحياة المدنية وكان بعيدا عن تنظيمات البشير الإخوانية ويتمتع بالاستقلالية والنزاهة.أما الفترة الانتقالية الطويلة التى طالبت قوى الحرية والتغيير بأن تكون 4 سنوات وعدلها المجلس العسكرى لتصبح ثلاث سنوات، (متصورة أنها ستحكم بعدها) فهى كارثة مكتملة الأركان لأنها ليس فقط ستقضى على فرصها فى الحكم إنما ستقضى على فرص السودان فى الانتقال الديمقراطى وبناء دولة قانون، لأن الجميع حاول أن يرتب المرحلة الانتقالية وفق ما يتصور أنه فى صالحه، ونسى أو تناسى أن مجالس انتقالية (مجلس سيادى ومجلس وزراء ومجلس تشريعى) مدتها 3 سنوات ستعنى سلطة ضعيفة ومنقسمة وعاجزة عن اتخاذ أى قرار حاسم فى بلد يعانى من انقسام سياسى وجهوى وانفصل جنوبه عنه، وتطالب أقاليم أخرى بالانفصال، ويعانى أيضا من وجود ميليشيات مسلحة تابعة «لإخوان البشير»، فهل كل هذه التحديات والمشاكل سيتم مواجهتها بمجالس انتقالية لمدة 3 سنوات أم مرحلة انتقالية 6 أشهر يعقبها التوافق على الرجل الجسر الذى يقود البلاد نحو بناء دولة القانون؟. هذا ما نتصور أنه الخيار الأسلم للسودان.
أرسل تعليقك