بقلم - عمرو الشوبكي
تلقيت هذه الرسالة من الأستاذ محمد طنطاوى جاء فيها:
قرأتُ مقالكم «لسنا عجبة»، الذى استعرضتم فيه ظاهرة التصويت لصالح مرشحين من خارج المؤسسات السياسية التقليدية، وتفردون عرضًا مفصلًا للحالة التونسية، بحكم الانتخابات الجارية فى البلاد، بين مرشحين يثيران التساؤلات حول النظام الديمقراطى المعاصر أكثر مما يقدمان إجابات.
أُثمّن على عرضكم، وأضيف: إجمالًا، صارت العبارة «الإجابة تونس» بمثابة عنوان لكثير من الكتابات حول التحولات السياسية، التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ بداية ما صار يُعرف بـ«الربيع العربى». وتؤكد الاستجابات التى يستدعيها الشعب، ولا أقول الناخب التونسى، عند كل مرحلة من مراحل التحول السياسى منذ نهاية ولاية الرئيس الأسبق «زين العابدين بن على». واعتبرتم أن عدم استجابة الناخب التونسى لمرشحى المؤسسات السياسية التقليدية نوع من «التصويت العقابى»، وهو تعبير شائع الآن فى أدبيات السياسة المعاصرة، خاصةً فى السنوات الأخيرة فى ضوء التحولات السياسية والاقتصادية الكبرى، التى زادت من الهوة بين شرائح عديدة من المجتمع وبين شريحة صغيرة تحصد ثمار أى تنمية، فى حالات الدول النامية والناشئة.
إجابة تونس أو «الإجابة تونس» ترجع إلى كونها دولة صغيرة محدودة الموارد، إلا أن التعليم جعلها بؤرة جذب حقيقية للاستثمارات الأجنبية، فضلًا عن السياحة الأوروبية، خاصة الفرنسية.
ولعل المُدقِّق فى سلوك حزب حركة «النهضة»، وهو حزب محسوب على ما يُعرف بـ«التيار الإسلامى»، أراه نموذجيًا فى تأثير ثقافة البلاد عمومًا وتأثير التعليم على سلوك الأفراد والتجمعات الاجتماعية المختلفة. إيجازًا، حال تأثير التعليم- الجيد- فى تونس دون توفير البيئة الخصبة لانتشار الأفكار الرجعية، ومنها الأفكار الدينية المتزمتة، وهو ما انعكس ليس فقط على السلوك الشخصى للأفراد، بل على عموم سلوك التجمعات الاجتماعية، بما فى ذلك الجماعات والمؤسسات السياسية. ليس أمرًا جديدًا لفت الانتباه إلى الاختلاف فى سلوك حزب «النهضة» التونسى وسلوك جماعة «الإخوان المسلمين» فى مصر مثلًا.
وعلى الرغم من الاختلافات فى النظام السياسى وتاريخ تطور الدولتين، فضلًا عن ثقافة كل منهما. فى المقابل، يظل التعليم عنوانًا عالميًا على انتقال المجتمعات والدول من حال إلى حال. الوعى. الوعى. فتِّش عن الوعى، سيدى. أليس الوعى، الذى يُعد التعليم أحد أهم روافده، هو ما يوفّر ليس فقط على الأفراد، بل على الدول، جهودًا وموارد لا حاجة لإهدارها مادام ثمة وعى؟ أليس حديث الإعلام والشائعات الجارى فى «مصر» الآن خير دليل على أهمية الوعى- بل العقل- فى ممارسة حياة سليمة على مستوى الأفراد والجماعات والدول؟ تَشحب التفاصيل السياسية، خاصة الإجراءات الانتخابية وتحولاتها، عند كل محطة مهمة من محطات التحول السياسى فى الدول الباحثة عن الحرية فى صورها المختلفة.
الإجابة تونس حتى إشعار آخر.
أرسل تعليقك