آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

صناعة الفساد

اليمن اليوم-

صناعة الفساد

عمرو الشوبكي
بقلم : عمرو الشوبكي

جاءتنى رسالة مهمة من الأستاذ المهندس حاتم راضى، تعليقا على موضوع الفساد الذى أثرناه الأسبوع الماضى، وجاء فيها:

الدكتور المحترم/ عمرو الشوبكي

بعد التحية والتقدير، فقد قرأت سلسلة مقالاتك التى تتحدث عن منظومة الفساد ، وقد أحسست أن هناك زاوية أخرى لم يتم التطرق إليها، وأحببت أن أتشارك معك فيها.

لا بد أولا أن نعترف أن الفساد موجود فى العالم كله، ولكن بنسب متفاوتة قد تعوق أو لا تعوق الحياة والتقدم، فى حين أن فى مصر الفساد أصبح غولا يحول جودة الحياة إلى جحيم مستعر، يشعر به كل إنسان حر له كرامة على هذه الأرض الطيبة، ومن هنا وجب علينا محاربة الفساد الذى انتشر فى كل مكان.

إن أخطر مظاهر الفساد فى مصر ليس فى الأفعال التى قد تتخذ لمصلحة معينة، أو الرشوة التى تدفعها، بل هى الامتناع عن أعمال تصب فى المصلحة العامة. فكم من المهازل التى نراها يوميا فى جميع مجالات الحياة، والتى تحتاج إلى قرار واحد صائب من مسؤول صغير.

إن نظام الدولة المصرية، وأعنى به النظام الإدارى- وإن كانت له علاقة بالنظام السياسى- يساعد على الفساد والإفساد، فالدولة شديدة المركزية لا يشعر معها أى مسؤول صغير أنه يستطيع أن يصلح فى مكانه، بل إنه لا يعرف ما هى صلاحياته كمسؤول وما هى حدوده الوظيفية ومن هم رؤساؤه ومرؤوسوه.

فى العلوم الإدارية هناك ما يعرف بـ«التوصيف الوظيفى»، حيث يعرف كل موظف حدود صلاحياته ومسؤولياته وكيفية محاسبته، فيستطيع بعد ذلك أن ينطلق فى عمله بدون خوف أو ارتعاش، ولكن مع وجود هذا النظام المركزى الذى تأتى فيه كل القرارات من العاصمة، فلن يستطيع أى مهندس رى صغير أن يطهر قناة أو ترعة فى القرية أو يرصف حارة صغيرة فى أحد المراكز النائية، بل سيشعر أن يده مغلولة خوفا من تهم الفساد الهلامية أو محاسبة رئيسه إذا أخطأ أو أصاب.

إن من أبرز مظاهر هذا النظام المفسد مثلا أن المحافظين لا سلطة لهم على أى من الهيئات أو المديريات التى تتبعه، وأن دوره هو مجرد شاهد لما تفعله الوزارات المختلفة فى محافظته، فلو توقفت يا سيدى لتسأل عن أى عمل فى أى شارع مَن المسؤول عنه فلن تجد إجابة، وأتحداك أن تجد المحافظ أو حتى رئيس الحى يعرف الإجابة.

لماذا لا تكون للمحافظ سلطة مستقلة وله صلاحيات معروفة حتى نستطيع أن نحاسبه؟، لماذا لا نستطيع أن نسائل رئيس الحى عما اتخذه من إجراءات للحفاظ على الأموال العامة والناس والشجر مثلا؟.. لماذا لا تكون للمحافظ شرطة خاصة به بدلا من الاعتماد على وزارة الداخلية التى تتحمل كل أعباء الفساد فى مصر؟. هل تعلم يا سيدى الفاضل أن رئيس الحى لا يستطيع أن يحرر محضرا أو يوقف عملية بناء خاطئة بدون إخطار وزارة الداخلية، التى بدورها تخطر شرطة المرافق، والتى بدورها تخطر الحى، ثم يتم تنظيم حملة لإزالة السور المخالف مثلا؟!.. لقد بُحَّ صوتنا من أجل فصل الشرطة المتخصصة، مثل شرطة النقل والمرافق وخدمات المرور، عن وزارة الداخلية، حتى تتفرغ الوزارة ومعها الجهات الرقابية لمسؤولياتها الحقيقية، فتتمكن من ضبط أكابر المجرمين، والسيطرة على فساد الجهات العليا فى البلاد، لا أن تضبط رئيس حى أو مديرا عاما لمنطقة تعليمية أثناء تلقيه رشوة مثلا.

سيدى الفاضل، إن هذا النظام، وأعنى به النظام الإدارى للدولة، هو الراعى الأول للفساد فى مصر، فبدون هيكلة حقيقية، ونسف هذا النظام والبدء فى وضع نظام يسمح بالمسؤولية الحقيقية والرقابة الحقيقية لكل مسؤول ويسمح بوجود لا مركزية حقيقية صاحبة قرار مستقل فى إطار خطة عامة للدولة، فإن هذا الفساد سوف يبقى أبد الدهر، ولن ينصلح حال هذه البلاد حتى لو جاء أفضل حاكم فى التاريخ.

ولك منى جزيل الشكر والعرفان.

مهندس حازم راضى

مهندس تخطيط ومتابعة

المصدر : جريدة المصري اليوم

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صناعة الفساد صناعة الفساد



GMT 05:24 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 13:23 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 12:11 2020 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

حوار الدوران الحر

GMT 07:34 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

المسار السياسي

GMT 09:39 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الحقبة العثمانية
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen