آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى؟

اليمن اليوم-

لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى

عمرو الشوبكي
بقلم : عمرو الشوبكي

اتهمت الدولة كثيرا من المنظمات الحقوقية بأنها مسؤولة عن بث دعاية كاذبة تسىء لسمعة مصر فى الخارج، وأنها تعمل وفق أجندة خارجية تضر بالأمن القومى.

صحيح أن هناك بعض الجمعيات الحقوقية لا علاقة لها بالواقع المصرى وبعضها يتعامل مع واقع مجتمعه باستعلاء فج، وهناك من يشعرك أنه متطوع ويضحى من أجل الإنسانية فى حين أنه فى الحقيقة يقوم بعمل فى مقابل أجر مادى، وبعضه الآخر قد يثبت القضاء والأجهزة الرقابية (وليس الأمنية) تورطه فى جرائم فساد مالى، بالمقابل هناك من المحترمين الكثيرين الذين اعتبروا أنفسهم منذ البداية مواطنين طبيعيين ليسوا محصنين ولا على رأسهم ريشة يؤدون عملا مهنيا ويتلقون فى مقابله أجرا وأبدوا أكثر من مرة استعدادهم للالتزام بالخطوط الحمراء التى تضعها الدولة فى أى قضايا تخص أمنها القومى.

والحقيقة أن قانون الجمعيات الأخير استهدف بالأساس العمل الأهلى المحلى والممول فى غالبيته الساحقة محليا، ولم يلغ التمويل الأجنبى، وهنا يطرح السؤال: لماذا لم تلغ الدولة التمويل الأجنبى وترح الجميع طالما يهدد الأمن القومى؟.

الحقيقة أن الدولة لديها التزامات دولية تفرض عليها أن تسمح بوجود ما للمجتمع المدنى ولا تستطيع أن تعلن صراحة أنها ستلغيه، فالقضية ليست حبا فى نشاط المجتمع المدنى إنما هى التزامات (وأحيانا ضغوط) دولية.

والحقيقة أن هذه القضية الشائكة تتطلب النظر إليها من زاويتين مختلفتين: الأولى تتعلق بالتمويل الأجنبى الذى يأتى من خلال الأمم المتحدة (Undp) و(Who) فى مجال الصحة والتنمية الاقتصادية وهى تحتاج إلى قواعد تنظمها لا قيود «تطفشها».

وقد ظلت هذه المؤسسات تعمل بشكل شبه طبيعى فى مصر طوال السنوات الماضية، وبقى السؤال: هل سيؤثر القانون الأخير على عملها فيصيب العمل التنموى بضربة أخرى قاصمة، بعد أن وجه ضربة قاضية للعمل الأهلى المحلى؟.

أما الزاوية الثانية فهى تتعلق ببعض المؤسسات الدولية التى ظهرت فى مصر فجأة عقب ثورة يناير وحملت أجندات سياسية واضحة لم تكن أبدا فوق الشبهات، ونتيجة سوء أدائنا لم نستطع أن نغلقها بهدوء ونصدر قانوناً يمنع وجودها، إنما اضطرت الحكومة إلى تهريب العاملين فيها خارج مصر، وأصبح عدم الترخيص لهذه المؤسسات بالعمل داخل مصر أمراً لا غبار عليه.

أما القضية الأخطر التى لم يناقشها قانون الجمعيات السيئ وتركتها الدولة لأنها تدخل فى حسابات الأهواء فهى تجريم التمويل السياسى الأجنبى، والمقصود هنا وضع ضوابط قانونية صارمة (وهو ما لم يحدث لأن القانون اهتم بحصار العمل الأهلى لا مواجهة التمويل السياسى الأجنبى) على أى أموال تأتى لجمعية أهلية من الخارج ثم تدخل بعد ذلك إلى المجال السياسى لحزب أو مرشح أو تنظيم، وهذا أخطر ما تواجهه مصر حين يخترق المجال الوطنى السياسى بتمويل أجنبى.

ولأن هذا التمويل قد يصل من دولة عربية شقيقة أو دولة أجنبية صديقة إلى من هم مرضىّ عنهم، فترك دون أى ضوابط تحول دون وصول التمويل الأجنبى للمجال السياسى، أى ترك الأمر حسب الأهواء والمزاج حتى لو كانت الدولة تهتف كل يوم ضد التمويل الأجنبى.

قضية التمويل الأجنبى قضية شائكة ومركبة، وأخطر ما فيها هو التمويل السياسى الذى يأتى من الخارج فى حين أن البلد الذى يعتمد اقتصاده على المنح والقروض الأجنبية عليه أن ينظم عمل الجمعيات الأهلية ويراقبه بدقه حين تعمل فى قضايا الصحة والتعليم والتنمية ومحاربة التمييز، وفى نفس الوقت يجرم أى تمويل سياسى قادم من الخارج بصرف النظر عن الهوى والمزاج.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى لماذا لا تلغى الدولة التمويل الأجنبى



GMT 05:24 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 13:23 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 12:11 2020 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

حوار الدوران الحر

GMT 07:34 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

المسار السياسي

GMT 09:39 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الحقبة العثمانية
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen