بقلم/مكرم محمد أحمد
مع الاسف، ورغم كل الجهود التى تبذلها مصر ــ تساندها دول الجوار الجغرافى ــ من أجل تحقيق مصالحة وطنية شاملة فى ليبيا تنهى الصراعات القبلية والجهوية التى مزقت البلاد، وتقلص سطوة الجماعات المسلحة وأولها داعش على معظم المدن الليبية حفاظا على وحدة الدولة والارض، وتهيئ المناخ الصحيح لاعادة بناء مؤسسات الدولة وفى مقدمتها الجيش والامن وتعيد الاستقرار إلى ربوع البلاد، وتؤمن مصادر قوتها الاقتصادية المتمثلة فى حقول البترول وموانيه داخل منطقة الهلال النفطى تحت سلطة الدولة المركزية، بعيدا عن صراع المليشات المسلحة..مع الاسف لاتزال الفوضى تضرب أطنابها فى ليبيا رغم كل هذه الجهود ولاتزال قوى التخريب تعمل معاولها لهدم اى انجاز يتم تحقيقه على ارض الواقع، ولاتزال نسبة غير قليلة من القيادات الليبية فى مستويات السلطة العليا مشغولة بطموحاتها بأكثر من انشغالها بالصالح الوطنى العام، تحركها الرغبة فى الاستئثار بالسلطة والانتقام من خصومها السياسيين!. بينما يظهر غالبية الليبيين فى الشرق والغرب والجنوب استياءهم البالغ وضجرهم الشديد من عبثية المشهد السياسى خاصة فى المدن الاساسية الثلاث، بنغازى ومصراتة وطرابلس الاكثر فاعلية وتأثيرا فى حياة الشعب الليبي، الامرالذى تبدى بوضوح شديد فى خروج تظاهرات ضخمة فى مدينة طرابلس تطالب باخراج جميع المليشيات المسلحة من العاصمة، كما تبدى فى موجة الغضب البالغ التى اجتاحت مدينة بنغازى من عناصر الجيش الليبى المنفلتة بعد ان سيطرت عليها الرغبة فى الانتقام من بعض جماعات المتطرفين التى لاتزال تشكل جيوبا لتنظيم داعش داخل بنغازى إلى حد نبش قبور قتلى هذه الجماعات واخراج جثثهم والتمثيل بها علننا فى مواكب تطوف شوارع المدينة.. ما الذى غير فجأة صورة المشهد الليبى الذى كان قبل اقل من شهرين فقط يوحى بالامل والتفاؤل،عندما اجتمع فى القاهرة فى غضون شهرى يناير وفبراير الماضيين اكثر من 64 شخصية ليبية يمثلون كل القبائل وجميع القوى السياسية والجهوية وكل نخب المثقفين والمهنيين المهتمين بالشأن العام، على رأسهم الاقطاب الثلاثة حفتر قائد الجيش الليبى شرق البلاد وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب فى طبرق وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي، اتفقوا جميعا على الخطوط العريضة لخارطة طريق تعالج اوجه القصور فى اتفاق الصخيرات المتمثلة فى وضع المؤسسة العسكرية الليبية وقائدها الاعلى والقائد العام للجيش الليبى وقضايا أخرى تتعلق باعادة تشكيل المجلس الرئاسى ومجلس الدولة تفتح الطريق امام المصالحة الوطنية الشاملة، ثم جاءت عملية استيلاء المليشيات الجهوية والاسلامية وفى القلب منها تنظيم داعش وجماعة الاخوان المسلمين على راس لانوف وسدرة الميناءين المهمين لتصدير البترول داخل الهلال النفطى لتعيد الامور إلى سيرتها الاولى وتعود الفوضى تضرب اطنابها فى البلاد رغم نجاح الجيش الوطنى بقيادة حفتر فى استعادة الموقعين راس لانوف وسدرة..،ومن المسئول عن افشال جهود المصالحة الوطنية!؟،وما هى حدود مسئولية الاقطاب الثلاثة، السراج وحفتر وعقيلة عن هذا الفشل؟!،ومتى تخرج ليبيا من هذه المتاهة الشائكة التى تهدد وجود الدولة الليبية كما تهدد امن مصر..،أظن ان الوصول إلى اجابات صحيحة وشاملة لهذه الاسئلة الثلاثة يتطلب اولا، رؤية ابعاد الصراع داخل المدن الثلاثة وفى مقدمتها مصراتة التى يعتقد البعض انها المسئولة عن تصدير الفوضى إلى معظم ارجاء ليبيا!.
أرسل تعليقك