آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية

اليمن اليوم-

مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية

بقلم - مكرم محمد أحمد

رغم توافق العديد من المصالح التركية والروسية التي تفرض قدراً من التنسيق والتعاون المشترك بين موسكو وأنقرة، خاصة ما يتعلق منها بالأزمة السورية التي جسدتها الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي أردوغان إلي موسكو ومحادثاته مع الرئيس بوتين، ورغم أن الطرفين يواصلان تعاونهما المشترك في إطار علاقات ثنائية جيدة، مكنتهما من تحقيق تعاون إستراتيجي مهم، تمثل في وصول الغاز الروسي إلي دول الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي التركية، الأمر الذي تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية خطراً علي أمن أوروبا التي يتزايد اعتمادها علي الغاز الروسي ـ فإن تركيا لاتزال عاجزة عن حسم خيارها الإستراتيجي، حيث يتأرجح موقفها بين الروس والأمريكيين، وإن كان من المؤكد أن مساحات التباين والخلاف مع الولايات المتحدة تزداد اتساعاً، وزاد من عمق الأزمة التركية الأمريكية إصرار الرئيس أردوغان علي شراء منظومة الدفاع الجوي الروسي إس 400، بما يعرضها للعقوبات الأمريكية خاصة أنه منذ عام 2016 بات يربط بين الطرفين الروسي والتركي اتفاقية خط السيل التركي الذي ينقل الغاز الروسي إلي دول الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي التركية، وقد سبق هذه الاتفاقية عام 2010 تولي موسكو مشروع إنشاء المُفاعل النووي التركي لإنتاج الطاقة الكهربائية آك كويو بما جعل واشنطن أكثر ريبة في سلوك الرئيس أردوغان الذي تعتبره الولايات المتحدة طرفاً ضالعاً في إطار المشروع الإستراتيجي لروسيا، القائم علي استخدام الغاز الطبيعي كأداة ضغط علي الدول الأوروبية!. وعلي الصعيد الاقتصادي فإن حجم التبادل الاقتصادي بين الروس والأتراك تجاوز 38 مليار دولار، وتبادل الطرفان حجما ًمن الاستثمارات يزيد علي 10 مليارات دولار، وتعد روسيا المزود الأول لتركيا بالطاقة لا سيما الغاز الطبيعي، فيما يبلغ عدد السياح الروس القادمين إلي تركيا قرابة 5 ملايين سائح سنوياً، وتظهر المؤشرات الاقتصادية حجم الاعتماد الاقتصادي المتبادل الذي يوفر للبلدين فائدة مشتركة ساعد علي زيادتها توجه الطرفين إلي فصل المسار الاقتصادي للبلدين عن مسار الخلاف السياسي.وبرغم هذا التوافق الضخم في المصالح الاقتصادية المشتركة، فإن ثمة خلافات فاعلة بين أنقرة وموسكو في ميادين عديدة، أبرزها خلافهما حول الملف الكردي، وملف جزيرة القرم، حيث تدعم أنقرة رؤية الغرب لعدم شرعية احتلال روسيا للجزيرة، والملف الليبي حيث تدعم روسيا موقف المشير حفتر بينما تدعم أنقرة حكومة فايز السراج في طرابلس، وملف شرق المتوسط حيث تتخوف أنقرة من مساندة موسكو للتحرك اليوناني، كما يشكل انتماء أنقرة لحلف الناتو مانعاً أساسياً يحول دون إقدامها علي المزيد من المشاريع الإستراتيجية مع روسيا فضلاً عن مصاعب خروجها من توجهات الولايات المتحدة الإستراتيجية ويكاد يكون الفصل بين السياسات الإقتصادية وعدم السماح للخلافات الأمنية والسياسية بإلقاء ظلالها علي مسار التنسيق المشترك بين الطرفين هو العامل المهم في استمرار الجانبين في تعاونهما المشترك في الجوانب التي يمكن أن تحقق لهما فائدة مشتركة، لكن ما لا تستطيع تركيا إغفاله، أن 72 في المائة من مجموع الإستثمارات المباشرة في تركيا تأتي من دول الإتحاد الأوروبي ، تُدر علي تركيا دخلاً غزيراً، وربما تكون أكثر حيوية من مشاريع نقل المواد الريعية الروسية، ويأتي الموقع الدبلوماسي لواشنطن كدولة عظمي تتحكم في مسار العلاقات الدولية، بما يضع حدوداً أمام قدرة أنقرة علي اللعب علي تناقضات توازن القوي الكبري، ويحفظ للتوجه الإستراتيجي الأمريكي حجم تأثيره الفاعل علي أنقرة، ويرسم حدوداً للتعاون بين الروس والأتراك يصعب أن تتخطي مصالح أمريكا الاستراتيجية، ومع ذلك كثيراً ما يشار إلي أن روسيا وتركيا طرفان أساسيان يتجهان لتأسيس علاقات إستراتيجية، تمكنهما من تحقيق توازن قوي ضد الغرب، ويزيد من عوامل التقارب الروسي التركي إدراك أنقرة وموسكو مدي التكاليف الباهظة التي يتحملانها بسبب استمرار الأزمة السورية, وأغلب الظن أن انتظار الروس والأتراك سوف يطول بعد أن وضح أن واحداً من أهم أهداف الولايات المتحدة هو استنزاف قدرة روسيا وتركيا بما يجعل الأزمة السورية عبئا يُثقل كاهل الطرفين.

نقلا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع      

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen