آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة

اليمن اليوم-

ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة

بقلم-مكرم محمد أحمد

ما من بيت مصرى لا يتشكك فى رواية سائق القطار المنفلت الذى غادر قطاره دون أن يشد الفرامل، ليتشاجر على الرصيف مع زميله سائق القطار الثانى الذى احتك به عند التحويلة, بما أتاح للقطار فرصة أن يتحرك بسرعة عالية دون سائق ويصطدم بالرصيف, وينفجر خزان الوقود فى القطار, وتحدث المأساة الدامية التى وجعت قلوب المصريين, على حين انصرف قائد القطار المنفلت إلى منزله إثر وقوع الحادث كى ينام! كما ذكر فى التحقيقات أمام النيابة العامة, والأمر المؤكد أن سائق القطار المنفلت لم يحظ بذرة تعاطف من غالبية الشعب المصرى التى أدهشها ردود السائق البليدة، التى شككت الجميع فى أن السائق كان مبرشما, أو أنه كان ضالعا فى ارتكاب الحادث, ومع ذلك فإن الأفضل والأكثر عدلاً, أن نترك أمر هذه التكهنات لتحقيقات النيابة التى لا تزال مستمرة بعد أن تم القبض على السائق الذى هرب إلى منزله كى ينام. لكن الأكثر سوءا من ذلك هم جماعة الإخوان المسلمين وعدد من مواقع التواصل الاجتماعى التى ابتسرت بعض الجمل التى قالها الرئيس السيسى فى سياق جد مختلف, لتؤكد للعوام أن السبب الرئيسى لكارثة السكك الحديدية الأخيرة أن الرئيس السيسى لا يريد الإنفاق على إصلاح سكك حديد مصر, ويؤثر أن يضع مليارات الجنيهات التى تتكلفها خطة الإصلاح فى البنوك ليتقاضى عنها أرباح فوائد مضمونة تغنيه عن مشكلات عمليات الإصلاح!،

ابتسرت جماعة الإخوان تصريحات سابقة للرئيس السيسى قالها فى سياق مختلف, وأخذتها بعيدا عن سياقها الصحيح، متجاهلة أن مصر قد أنفقت بأوامر صريحة من الرئيس السيسى خلال السنوات الثلاث الأخيرة 56 مليار جنيه على إصلاح وتجديد وتحديث سكك حديد مصر، فى مشروع ضخم يتم تنفيذه الآن يشمل تجديد خطوط معظم شبكات السكك الحديدية والعمل على ازدواج بعض خطوطها الرئيسية والتصنيع المشترك للآلاف من عربات ركاب السكك الحديدية بالاشتراك مع الروس فى مصر وشراء عدد من الجرارات الجديدة تم التعاقد عليها بالفعل بعد أن انتهى العمر الافتراضى لمعظم الجرارات العاملة، لكن يبدو أن جماعة الإخوان تعتقد أن آفة الشعب المصرى هى النسيان، وأن ذاكرته الضعيفة لن تمكنه من تذكر هذه الحقائق.

لكن الواضح من تحقيقات النائب العام أن تعليق أسباب الكارثة على ميراث 30 عاما سابقة لم يعد كافيا للإقناع، لأن مشاهد الكارثة كشفت أن القضية لا تتعلق فقط بإصلاح الخطوط وتجديد الجرارات وعربات الركاب، وأن ضمانات الأمن والسلامة للركاب لا يكفيها ذلك، لأنها تتطلب أيضاً تعزيز سُبل الحماية داخل محطات السكك الحديدية التى تعانى نقصا شديدا فى إمكانات مواجهة حوادث الحريق، وعدم وجود منظومة إطفاء من محطات ضخ المياه والخراطيم وأجهزة إطفاء الحرائق الرغوية، فضلا عن عدم الانتهاء من تحديث منظومة الصيانة الدورية للقطارات، والإسراع باستبدال نظم الإشارات اليدوية والميكانيكية بنظم إلكترونية يقل فيها الاعتماد على العنصر البشري، خاصة أن عدم تحديث نظم المتابعة والصيانة واستشراء الإهمال أدى إلى تفاقم المشكلات، فضلا عن غياب الانضباط فى سلوك البشر العاملين فى المرفق إلى حد أن سائق القطار المنفلت غادر كابينة القيادة ليتشاجر مع زميل له على الرصيف ونسى أن يشد فرامل القاطرة، لماذا نزل ومن الذى أمره بالنزول وكيف نسى أو أهمل فى أن يشد فرامل القاطرة. الأمور لا يحكمها نظام أداء مبرمج بتعليمات محددة، لكنها متروكة لتصرفات البشر العشوائية، لا يحكمها نظم ثابتة وملزمة للأداء. وربما لهذه الأسباب استشرى الإهمال لتصل خطورته إلى حد يفوق خطورة الفساد، ومن المهم أن تنتظم مصر كلها فى حرب مستمرة على الإهمال إلى أن تتمكن من قطع دابره. وحسنا أن أثار الحادث الأخير غضب أعضاء مجلس النواب وجعلهم يطالبون باستدعاء كل المسئولين بمن فيهم الوزير المستقيل هشام عرفات رغم أنه بذل جهودا ضخمة من أجل إصلاح الخطوط وعربات الركاب وتجديد القاطرات إلا أن الواضح أنه أرجأ إلى مرحلة قادمة إصلاح المحطات التى يشوبها قصور شديد فى نظم الأمن والحماية جعلت العاملين فى الإطفاء لا يجدون سبيلا لإطفاء الحرائق سوى الجرادل.

نقلا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع     

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة ليس بالجرادل يتحقق أمن المحطة



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen