بقلم - مكرم محمد أحمد
خلال الأيام القليلة المقبلة تبدأ مصر استثمار حقل الغاز الأكبر فى الشرق الأوسط حقل ظهر، الذى يمكن مصر من الوفاء بحاجاتها من الطاقة، ويحقق لها نوعاً من الاستقلال فى هذا المجال اعتماداً على مواردها من الغاز الطبيعى، تفى كامل احتياجاتها مع فائض يكفى للتصدير عندما يتم التشغيل التجارى الكامل للحقل، ويبلغ الحقل الذى سوف ينتج فى البداية 10 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعى يومياً حتى نهاية العام، تتصاعد إلى إنتاج 76 مليون متر مكعب من الغاز يومياً. وطبقاً لتقارير »ظهر« الأخيرة ثم تنفيذ أكثر من 90 فى المائة من أعمال تطوير الحقل بكلفة وصلت إلى حدود 12 مليار دولار، يتم استكمالها بإنفاق 4 مليارات أخرى تمكن الحقل من الوصول إلى أوج استخدامه فى الاستهلاك المحلى والتصدير، بما يوفر 30 مليون متر مكعب يومياً نستوردها من الخارج ترهق خزانة الدولة، سوف يترتب على توفيرها تقدم مصر على مسار الانتعاش الاقتصادى بعد 6 سنوات عجاف .
ويتوافق مع بدء تشغيل حقل ظهر العملاق بدء تنفيذ عمليات التطوير لمشروعين كبيرين للغاز الطبيعى، أولهما مشروع شمال الإسكندرية الذى يشتمل على خمسة حقول للغاز تم استثمار 11 مليار دولار فى تأهيلها للإنتاج، والثانى حقل النورس فى دلتا النيل الذى يتجاوز إنتاجه المتوقع مليار متر مكعب يومياً..، والواضح أن إنتاج حقل ظهر الذى يبلغ 850 مليار متر مكعب من الغاز يسبق أعمال تطوير حقول الغاز الإسرائيلى فى البحر الأبيض بثلاث سنوات، بما يعنى أن فرص تصدير الغاز الإسرائيلى لسد احتياجات مصر من الطاقة تتقلص عقب إنتاج الغاز المصرى من حقل ظهر، والمعروف أن مصر وقعت مع إسرائيل مذكرة تفاهم لبيع الغاز الإسرائيلى لمصر بقيمة 35 مليون دولار، بات واضحاً عدم احتياج مصر لها مع دخول حقل ظهر مرحلة الإنتاج الفعلى . وفضلاً عن الإضافة المهمة التى يحققها حقل ظهر للاقتصاد المصرى، ثمة إضافة أخرى مهمة لا تقل شأناً تتمثل فى الاتفاق الذى وقعته مصر وروسيا خلال زيارة الرئيس الروسى بوتين الأخيرة إلى مصر والتى تم بموجبها توقيع عقد إنشاء 4 محطات نووية فى منطقة الضبعة بطاقة 4800 ميجاوات ساعة من خلال قرض تربو قيمته على 25 مليار دولار . وهو ثانى أكبر مشروع قومى بعد قناة السويس الجديدة يتم إنشاؤه فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، والواضح أن زيارة الرئيس بوتين الأخيرة إلى مصر دفقت دماء جديدة فى شرايين العلاقات المصرية الروسية تمثلت فى عودة خطوط الطيران التجارى بين القاهرة وموسكو إبتداء من فبراير المقبل بما يضاعف الآمال فى قرب عودة السياحة الروسية إلى مصر، والأمر المؤكد أن زيارة الرئيس بوتين عكست قوة العلاقات بين البلدين وتنامى تعاونهما الاقتصادى خاصة أن الشعب الروسى ينتظر خطوة إعادة السياحة الروسية إلى مصر بفارغ الصبر كى يستفيد من مناخ مصر، كما تم خلال زيارة بوتين توقيع اتفاق بين الحكومتين المصرية والروسية لإنشاء المنطقة الصناعية الروسية فى المنطقة الاقتصادية بقناة السويس التى تقام على مساحة خمسة ملايين متر مربع وباستثمارات تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار على امتداد 10 سنوات اعتباراً من أول عام 2018، والأمر المؤكد أنه لا توجد أي عقبات ضخمة تحول دون زيادة النشاط الاقتصادى بين البلدين، وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حجم الاستثمارات الروسية فى مصر جاوز 6٫3 مليار دولار، كما بلغ حجم التبادل التجارى 5ر1 مليار دولار من بينها 3ر1 مليار دولار صادرات روسية لمصر . وما من شك أن مشروع المحطة النووية فى الضبعة يتوج العلاقات الاقتصادية المصرية الروسية، وسينفذ المشروع على مساحة 45 كيلو مترا مربعاً بطول 15 كيلو متراً وعمق 5 كيلو مترات، وتوفر محطة الضبعة أعلى معدلات الأمان وتنتج 10 فى المائة من كهرباء مصر بحلول عام 2027 ، كما يتوقع خبراء السياحة انتعاشاً كبيراً فى السياحة الروسية التى تأتى فى المرتبة الأولى على مدى الأعوام الخمسة الأخيرة وتشكل ما يقرب من 33 فى المائة من مجموع السياحة بما يعادل 1ر3 مليون سائح كل عام .والواضح أن الاقتصاد المصرى ينتعش على نحو منتظم بعد 12 شهراً من تعويم الجنيه، وتداوله على نحو حر، وقد ارتفع مستوى سعر المستهلك فى الحضر بنسبة 26 فى المائة مقارنة بـ 8.30 ٪ خلال نفس الفترة من العام الماضى، كما انخفض التضخم بنسبة 1% وأعلن البنك المركزى المصرى انخفاض العجز فى الحساب الجارى إلى 6ر1 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2017 بسبب دخل السياحة المتزايد الذى وصل خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر إلى 7ر2 مليار دولار مقابل 797 مليون دولار خلال الفترة الموازية عام 2016 وارتفع الفائض فى ميزان المدفوعات من 9ر1 مليار إلى 1ر5 مليار دولار وتدفقت الاستثمارات إلى مصر بصورة متزايدة، وحدد البنك المركزى هدفه بأن يستقر التضخم فى الربع الأخير من عام 2018 عند 13% تهبط إلى حدود دون 10% وهو تقدم محسوس يؤكد خروج مصر من عنق الزجاجة .
أرسل تعليقك