بقلم - مكرم محمد أحمد
لا يزال الرئيس الأمريكى ترامب بعد قراره الأحادى الجانب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يصر على فرض المزيد من شروطه المتعسفة على الفلسطينيين من أجل إكراههم على استئناف المفاوضات مع الإسرائيليين حول التسوية السلمية للصراع الإسرائيلى الفلسطيني، آخرها إعلانه الأخير فى مؤتمر دافوس، أن القدس أصبحت خارج التفاوض لا ينبغى التحادث بشأنها مرة أخري، وليس من حق الفلسطينيين المطالبة بها، وتصميمه على أن يُظهر الفلسطينيون احترامهم للولايات المتحدة والاعتراف بالدعم الأمريكى غير المحدود الذى قدمته الولايات المتحدة على مدى سنوات عديدة، والاعتذار عن امتناعهم عن لقاء نائب الرئيس الأمريكى بنس خلال زيارته الأخيرة الشرق الأوسط، فضلاً عن تهديداته بشطب الــرئيس محمود عباس وقطع ما تبقى من معونات أمريكية للفلسطينيين (65 مليون دولار) سبق أن اقتطع 60 مليون دولار منها عقاباً للفلسطينيين على رفضهم قراره المتعلق بالقدس فى ديسمبر الماضى واستمرار الولايات وسيطاً فى قضية الصراع العربى لإسرائيل، لأنها لم تعد وسيطاً نزيهاً بعد انحيازها الأعمى لإسرائيل وأكد الرئيس الأمريكى أن الولايات المتحدة لن تتحرك خطوة واحدة إلى الأمام دون ذلك .
وخلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادى قال ترامب إن قراره الشهر الماضى المتعلق بالقدس أزاح عقبة كبيرة أمام التفاوض ورفع من على مائدة التفاوض مشكلة ضخمة، وأنه عجّل بقرار نقل جزء من السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لكن السفارة بكاملها بما فى ذلك متعلقاتها الأمنية سوف تبقى فى تل أبيب، وقال ترامب موجهاً حديثه لرئيس الوزراء الإسرائيلي، لقد كسبت إسرائيل نقطة فى هذه الصفقة لكن على إسرائيل أن تدفع لقاء هذه التنازلات فى المفاوضات المقبلة، دون أن يحدد ما هو المطلوب من إسرائيل على وجه التحديد !،
ولأن الرئيس ترامب لم يكن محدداً أيضاً فى حديثه عن القدس الشرقية وهل تم رفعها من التفاوض رغم أسئلة الصحفيين الصارخة التى سمعها ترامب بوضوح دون أن يرد عليها، تظل القدس الشرقية بغير جواب، لكن اعترافه بمدينة القدس موحدة وعاصمة أبدية لإسرائيل كان كافياً لتأكيد انحيازه الأعمى إلى إسرائيل، خاصة أن بنيامين نيتانياهو رد على الرئيس الأمريكى شاكراً هذه الخطوة التاريخية التى تعترف بحق إسرائيل التاريخى فى القدس.
والواضح أن الرئيس الأمريكى ترامب تعّمد فى حديثه الأخير أمام مؤتمر دافوس أن يفرض المزيد من الشروط على الفلسطينيين حتى بغلق باب التفاوض بعد أن رفع مدينة القدس من أى تفاوض لتصبح عملية السلام مجرد صفقة إما أن تقبلها أو ترفضها، وحسناً أن سارع صائب عريقات بالرد عليه مؤكداً أن الذين سارعوا بقرار أحادى الجانب برفع القدس من مائدة التفاوض هم الذين رفعوا عملية السلام بكاملها من أى تفاوض، رغم أن القدس فى عرف القانون الدولى وبحكم قرارات عديدة صدرت من مجلس الأمن والجمعية العامة تعترف بها الولايات المتحدة حتى الأمد القريب، أرض محتلة وواحدة من مشكلات مرحلة المفاوضات الأخيرة يتحدد مصيرها فى تفاوض مباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أما وقد أصبحت مجرد صفقة يحكمها الإذعان، وتفتقد إلى المشروعية والقانون الدولي، فيصبح رفضها أمراً محتوماً على أن يعاون العرب والمسلمون الفلسطينيين على الصمود داخل مدينتهم، يرفضون الأمر الواقع لأن القدس ينبغى أن تبقى مدينة الله والسلام، مفتوحة أبداً أمام المسلمين والمسيحيين واليهود لأنها مدينة الصلاة .
والواضح أخيراً أن الإدارة الأمريكية تود لو تستطيع شطب الرئيس محمود عباس أو استبعاده، وتكيل له الاتهامات جزافاً بإفشال جهود السلام، وأنه يفتقد الشجاعة وإرادة السلام، وأن عليه أن يعتذر فى خطابه الأخير الذى رفض فيه وساطة الولايات المتحدة فى عملية السلام، وهذا ما عبرت عنه نيكى هايلى مندوبة أمريكا فى مجلس الأمن خلال اجتماعه الأخير، بما يؤكد أن واشنطن تضمر شراً للرئيس الفلسطينى الذى لا يزال حريصاً على التسوية السلمية، ويرفض العودة إلى العنف والعمل المسلح، لكنه يرى أن دولة فلسطينية مقطعة الأوصال دون القدس الشرقية عاصمة لها هى صفقة خاسرة وصفعة على الوجه يرفضها الفلسطينيون .
أرسل تعليقك