بقلم - مكرم محمد أحمد
طبقاً لتقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» فإن الحرب تستعر الآن شمال سيناء وجنوب قطاع غزة بين تنظيم داعش في سيناء والقطاع العسكري لحماس بعد أن تصاعدت التوترات بينهما، وتقطعت كل سبل التعاون والمصالح المشتركة التي كان يمكن أن تجمعهما معاً في تحالف ضد القوات المصرية في سيناء. ونشرت الصحيفة مقاطع من فيديو تستمر 22 دقيقة تظهر مدي العداوةً الراهنةً بين حماس وتنظيم داعش، وتظهر حمزة الزاملي (25 عاماً) فلسطيني من قطاع غزة، وهو يطلق النار علي شاب بتهمة نقل السلاح إلي حماس، واصفاً حماس بالخونة والمرتدين العملاء، وكان حمزة أحد ثلاثة أخوة انشقوا عن حماس وانضموا إلي تنظيم داعش. وبإعلان داعش الحرب علي حماس تكون داعش قد حاصرت نفسها وقلصت قدرتها علي الحركة وعبور الأنفاق إلي غزة بعد أن ترتكب جرائمها في سيناء، خاصة أن حماس تقوم منذ فترة بمحاولة السيطرة علي حدود قطاع غزة مع مصر، وبناء حاجز من الأسوار الشائكة والكاميرات المعلقة لمنع دخول داعش إلي القطاع في إطار جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية، ويزيد من عمق الخلاف الراهن بين داعش وحماس أن أغلب أعضاء داعش من المنتمين إلي السلفية الجهادية التي ترتبط بتنظيم القاعدة، فضلاً عن جماعات من الفلسطينيين انشقوا عن حماس وإنضموا إلي تنظيم الجهاد اعتراضاً علي دخول حماس انتخابات 2006، كما أن حماس تعتبر نفسها حركة وطنية فلسطينية معنية بتوجيه جهودها الأساسية ضد إسرائيل، وتقوم بين الحين والآخر بقمع مجموعات الجهاد السلفية والمجموعات المسلحة الصغيرة التي ترفض التنسيق المشترك مع حماس وتطلق صواريخها علي أهداف إسرائيلية دون ترتيب مسبق مع حماس.
وبالطبع فإن التزام حماس الواضح باتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية وجهودها لتحسين علاقاتها مع مصر واعترافها بالدور الأساسي والمهم لمصر في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني جعلها تنهي تحالفاتها القديمة مع داعش ونشاطهما السابق المشترك في تهريب الأسلحة وتدريب المقاتلين وإتاحة القدوم إلي غزة للمقاتلين الجرحي من داعش لتلقي العلاج، فضلاً عن التواطؤ مع هذه المنظمات للإضرار بمصالح مصر الأمنية في سيناء، خاصة أن المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح تنهض أساساً علي قبول التسوية السياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في إطار حل الدولتين، كما أن ما يهم مصر أساساً ألا تكون حماس جزءا من مخططات ورؤية جماعة الإخوان في مصر، بحيث لا يكون لها علاقة بالشأن الداخلي لمصر، وما من شك أن تحالف حماس وداعش هو الذي مكن داعش عام 2015 من إسقاط الطائرة الروسية الذي أدي إلي مقتل جميع ركابها (224 راكباً) ، وساعدها علي ارتكاب الكثير من الجرائم في سيناء، والواضح أيضاً من قصة تحالف حماس وداعش، أن حماس تسعي الآن إلي تخليص نفسها من أعباء هذه الشراكة، وأن معظم الأسر في قطاع غزة تسارع إلي إبراء ذمتها من داعش إلي حد إعلان رغبتها في قتل أبنائها المنتمين إلي هذا التنظيم المتطرف الخارج عن صحيح الإسلام، وفي غرفة مزدحمة بالعديد من الكتب الدينية قال والد حمزة الزاملي ــ الذي يعمل إمام مسجد في غزة ــ إن ما يؤلمه الدماء البريئة التي أراقها ابنه حمزة في حربه داخل سيناء ضد القوات المصرية، وقالت والدته إنها تندم علي ولادتها له، وقال عمه إننا نأمل في أن نقتله بأيدينا، بما يعني أن إعلان داعش الحرب علي حماس قد أدي إلي نفور غالبية الأسر الفلسطينية من داعش التي تعيش الآن وسط أجواء معادية تزيد من فرص عزلها وهزيمتها.
أرسل تعليقك